كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

ثم المقبولُ: ينقسم، أيضاً، إلى معمولٍ به وغيرِ معمولٍ به؛ لأنه إنْ سَلِم من المعارضة، أَيْ: لم يأتِ خَبَرٌ يُضَادُّهُ، فهو "المُحْكم"، وأمثلته كثيرة.
وإنْ عُورِضَ فلا يَخْلو: إما أنْ يكونَ مُعارِضُه مقبولاً مثلَه، أو يكونَ مردوداً.
فالثاني لا أثر له لأن القوي لا يؤثر فيه مخالفةُ الضعيف.

وإن كانت المعارضة بمثله؛ فلا يَخْلو: إما أن يمكن الجمع بين مدلوليهما بغير تعسُّفٍ، أو لا، [11/ أ] فإن أمكن الجمع فهو النوع المسمَّى: مختَلِفَ - الحديث.
ومَثَّلَ له ابنُ الصلاح بحديثِ: (لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ) (¬1)، مع حديثِ: (فِرَّ مِنَ المَجْذُوم فِرارَكَ مِنَ الأسد) (¬2) وكلاهما في الصحيح وظاهرهما التعارض.
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري، عن عددٍ مِن الصحابة، في كتاب الطب في عدة مواضع، هي: الأحاديث: 5753، 5756، 5757، 5772، 5776. وقال في موضعٍ مِن كتاب الطب: بَاب الْجُذَامِ، وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ)، فجمع بينهما. وأخرجه مسلم، 2220، السلام، و 2222، و 2223، و 2224، و 2225.
(¬2) تُنْظَر الحاشية السابقة، وأخرجه أحمد، 9720، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ).
وأخرج البخاري في "صحيحه"، 5771، الطب، بلفظ: (لا يُورَدْ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ)، و 5775، الطب، بلفظ: (لا تُورِدوا المُمْرِضَ على المُصِحِّ)، وبهذا اللفظ أخرجه مسلم، 2221، السلام.

الصفحة 90