كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

والنَّسْخُ: رَفْعُ تَعَلُّقِ حُكْمٍ شرعيٍّ بدليلٍ شرعيٍّ متأخرٍ عنه.
والناسخ: ما دل على الرفع المذكور.
وتسميته ناسخاً مجاز؛ لأن الناسخ في الحقيقة هو الله تعالى.
ويُعْرَفُ النسخُ بأمور:
1 - أصْرَحُها: ما ورد في النص، كحديث بُرَيْدَة في "صحيح مسلم": (كنتُ نَهيتُكم عن زيارة القبورِ، فَزُورُوها فإنها تُذَكِّرُ الآخرة) (¬1).
2 - ومنها [11/ب] ما يَجْزِمُ الصحابي بأنه متَأَخِّرٌ (¬2)، كقول جابرٍ: (كان آخرُ الأَمْرين مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركَ الوضوءِ ممّا مَسَّتِ النَّارُ)، أخرجه أصحاب السنن (¬3).
¬_________
(¬1) مسلم، 1977، الأضاحي، و 977، الجنائز. واللفظ عنده: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا ... )، الحديث. وفي لفظٍ: (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ ... ).
وقوله: (فإنها تُذَكِّرُ الآخرة) ليس عند مسلم، وإنما أخرجها أبو نعيم في "المستخرج على صحيح مسلم"، 3/ 56، والترمذي، 1054، وغيرهم.
ويُنظر "فتح الباري"، 3/ 148.
(¬2) قوله: "ومنها ما يجزم الصحابي بأنه متأخر ... "، هذا ليس على إطلاقه، ولكن، مِن شرط ذلك، في باب النقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن يكون هذا مِن الصحابي على وجهٍ يريد به بيان النسخ.
وقد يحصل مجرد الإخبار بالمتقدم والمتأخر ولا نسخ.
وقد يُخْبِرُ الصحابي بالنسخ، لكن على رأيه، اجتهاداً، لا نقلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجب التفريق بين الأمرين.
(¬3) أبو داود، 192، الطهارة، والنسائي، 185، الطهارة، ويُنظر الترمذي، 80، الطهارة، وابن ماجه، 489، الطهارة وسننها.

الصفحة 94