كتاب جلاء الأفهام

فَلَمَّا كَانَ الْفِعْل الأول مُوَافقا للْفِعْل الثَّانِي فِي الْجِنْس الْعَام اكْتفى بِهِ مِنْهُ لِأَن الْعلف مُوَافق للسقي فِي التغذية وتقلد السَّيْف مُوَافق لحمل الرمْح فِي معنى الْحمل وتزجيج الحواجب مُوَافق لكحل الْعُيُون فِي الزِّينَة وَهَكَذَا الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُوَافقَة للدُّعَاء لأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي معنى الدُّعَاء والطلب
الثَّالِث أَن ابْن عَبَّاس قد خَالفه كَمَا تقدم
وَأما دليلكم الثَّانِي عشر بِالصَّلَاةِ على أَزوَاجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ففاسد لِأَنَّهُ إِنَّمَا صلى عَلَيْهِنَّ لإضافتهن إِلَيْهِ ودخولهن فِي آله وَأهل بَيته فَهَذِهِ خَاصَّة لَهُ وَأهل بَيته وزوجاته تبع لَهُ فِيهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأما قَوْلكُم إِنَّه ألزم على أصولنا فَإنَّا لَا نقُول بِتَحْرِيم الصَّدَقَة عَلَيْهِنَّ فَجَوَابه أَن هَذَا وَإِن سلم دلّ على أَنَّهُنَّ لسن من الْآل الَّذين تحرم عَلَيْهِم الصَّدَقَة لعدم الْقَرَابَة الَّتِي يثبت بهَا التَّحْرِيم لكنهن من أهل بَيته الَّذين يسْتَحقُّونَ الصَّلَاة عَلَيْهِم وَلَا مُنَافَاة بَين الْأَمريْنِ
وَأما دليلكم الثَّالِث عشر وَهُوَ جَوَاز الصَّلَاة على غَيره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبعا وحكايتكم الِاتِّفَاق على ذَلِك فجواه من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن هَذَا الِاتِّفَاق غير مَعْلُوم الصِّحَّة وَالَّذين منعُوا الصَّلَاة على غير الْأَنْبِيَاء منعوها مُفْردَة وتابعة وَهَذَا التَّفْصِيل وَإِن كَانَ مَعْرُوفا عَن بَعضهم فَلَيْسَ كلهم يَقُوله
الثَّانِي أَنه لَا يلْزم من جَوَاز الصَّلَاة على أَتْبَاعه تبعا للصَّلَاة عَلَيْهِ جَوَاز إِفْرَاد الْمعِين أَو غَيره بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ اسْتِقْلَالا

الصفحة 480