كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

أما الخَسفُ فقد مَرّ.
وأما المَسخُ (¬1): فقد وقع لأشخاص.
فقد صح الخبر عن غير واحد أن في زمن فاطمية مصر كانوا يجتمعون بالمدينة يوم عاشوراء في قبة العباس - رضي الله عنه - ويسُبُّون الشيخين والصحابة رضي الله عنهم، فجاء رجل فقال: من يطعمني في محبة أبي بكر - رضي الله عنه -؟ فخرج إليه شيخٌ وأشار إليه أن اتبعني، فأخذه إلى بيته، وقطع لسانه، ووضعه في يده، وقال: هذه لمحبة أبي بكر. فذهب الرجل إلى المسجد وسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشيخين بقلبه، ورجع ولسانه في يده، فقعد حزينًا عند باب المسجد وغلبه النوم، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامه ومعه أبو بكر - رضي الله عنه -، فقال لأبي بكر: "إنَّ هذا قطعوا لسانه في محبتك، فرد عليه لسانه". قال: فأخرج لسانه من يده، ووضعه في محله، فانتبه فإذا لسانه كما كان قبل القطع وأحسن، فلم يخبر أحدًا بذلك، ورجع إلى بلاده.
فلما كان العام القابل، رجع إلى المدينة، ودخل القبة يوم عاشوراء وطلب شيئًا بمحبة أبي بكر - رضي الله عنه -، فخرج إليه شابٌّ وقال: اتبعني. فتبعه، فأدخله الدار التي قطع فيها لسانه، فأكرمه الشاب، فقال الرجل: إني تعجبت من هذا البيت، لقيت فيه العام الماضي مُصيبةً ومَهانةً، وهذه السنة لقيت ما أرى من الإكرام.
فقال الشاب: كيف القصة؟ فأخبره بالقصة، فأكب على يديه ورجليه، وقال: ذلك أبي وقد مسخه الله قردًا، وكشف عن ستارة فأراه قردًا مربوطًا، فأحسن إليه، وتاب عن مذهبه وقال: اكتم عليَّ أمر والدي.
¬__________
(¬1) وأورد السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 59) حديثًا أخرجه أبو الشيخ، وابن مردويه مرفوعًا: "صبيحة تطلع الشمس من مغربها يصير في هذه الأمة قردة وخنازير". وورد في "أبي داود" من حديث أنس في ذكر البصرة: "يكون بها خسفٌ، ومسخ، يبيتون ويصبحون قردة وخنازير".
وذكر الشاه عبد العزيز في تفسير سورة البقرة (ص 223) ثلاث عشرة صورة للمسخ، أعاذنا الله منها. (ز).

الصفحة 109