كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

الثاني: طاعون عَمواس؛ بفتح العين المهملة، وسكون الميم، وقد تحرك، وتخفيف الواو وآخره سين مهملة: اسم موضع بالشام.
وكان في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سنة سبع عشرة، وقيل: ثمان عشرة، ومات فيه من جيش المسلمين خمسة وعشرون ألفًا، وقيل: ثلاثون ألفًا، وقيل: سُمِّي طاعون عَمواس، لأنه لم يقع في شيء من المواضع سوى ما وقع فيه، حكاه الحافظ عبد الغني المقدسي.
وذكر سيف بن عمر، عن شيوخه قالوا: لما كان طاعون عَمواس وقع مرتين لم ير مثلهما، وطال مكثه، وذلك أنه وقع بالشام في المحرم وصفر ثم ارتفع، ثم عاد، وفني فيه خلقٌ كثير من الناس حتى طمع العدو، وتخوفت قلوب المسلمين لذلك.
قال سيف: وأصاب أهل البصرة أيضًا تلك السنة طاعون، فمات بشرٌ كثير، وجمٌّ غفير.
في "مرآة الزمان": لما كان سنة ثمان عشرة أصاب جماعة من المسلمين بالشام الشراب، فجلدهم أبو عبيدة بأمر عمر - رضي الله عنه -، وقال - رضي الله عنه - عند ذلك: ليحدثن في هذا العام حادث. فوقع الطاعون.
وقال هشام: إنما حدث الطاعون بالشام؛ لأجل هؤلاء الذين شربوا الخمر.
وممن مات في طاعون عَمواس من مشاهير الصحابة: أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وشرحبيل بن حسنة، والفضل بن العباس؛ وهو ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو مالك الأشعري، ويزيد بن أبي سفيان؛ أخو معاوية، والحارث بن هشام؛ أخو أبي جهل -وأبو جندل الذي جاء يوم الحديبية يَرسُفُ في قيوده، وسهيل بن عمرو الذي قام بمكة يوم مات النبي - صلى الله عليه وسلم - فَثبّتَ الناس، وهو والد أبي جندل.
ومما قيل في طاعون عَمواس من الشعر: قول امرئ القيس، حشيش الكندي، أورده أبو حذيفة البخاري في كتاب "المبتدأ"، وابن عساكر في "تاريخه".
رُبَّ حرفٍ مِثْلَ الْهِلاَلِ وَبَيْضَا ... ء حصان بالجزع من عمواس

الصفحة 121