كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

أرضى أمه. فجاء الخَضِرُ إلى أبي القاسم وقال: أنت أردت السفر لأجل طلب العلم وقد تركته لرضا أمك، وقد أمرني الله تعالى أن أجيء إليك كل يوم على الدوام وأعلمك. فكل يوم يجيء إليه الخَضِر حتى ثلاث سنين، وعلمه العلم الذي تعلم من أبي حنيفة في ثلاثين سنة، حتى علمه علم الحقائق والدقائق ودلائل العلم، وصار مشهور دهره، وفريد عصره، حتى صنف ألف كتاب، وصار صاحب كرامات، وكثر مريدوه وتلاميذه، فكان له مُريدٌ كبيرٌ متدين لا يفارق الشيخ، فعد له الشيخ ألف كتاب من مصنفاته، ووضعهم في الصندوق وأعطى لذلك المريد وقال: قد بدا لي أمر، فاذهب وارم هذا الصندوق في جيحون. فحمل المريد الصندوق، وخرج من عند الشيخ، وقال في نفسه: كيف أرمي مصنفات الشيخ في الماء؟ ! لكن أذهب، وأحفظ الكتب، وأقول للشيخ: رميتها. وحفظ الكتب، وجاء وقال للشيخ: رميت الصندوق في الماء. قال الشيخ: وما رأيت في تلك الساعة من العلامات؟ قال: ما رأيت شيئًا. قال الشيخ: اذهب وارم الصندوق. فذهب المريد إلى الصندوق وأراد أن يرميه، فلم يَهُن عليه، ورجع إلى الشيخ مثل الأول، وقال: رميته؟ قال: نعم. قال وما رأيت؟ قال: لم أر شيئًا. قال الشيخ: ما رميته، فاذهب وارمه فإن لي فيها سرًا مع الله، ولا ترد أمري. فذهب المريد، ورمى الصندوق. فخرج من الماء يَدٌ وأخذ الصندوق، قال المريد له: من أنت؟ فنادى في الماء: إني وُكلت أن أحفظ أمانة الشيخ. فرجع المريد وجاء إلى الشيخ، فقال: رميت؟ قال: نعم. قال: وما رأيت؟ قال: رأيت الماء قد انشق وخرج منه يَدٌ وأخذ الصندوق، وقد صرتُ مُتحيرًا، وما السر في ذلك؟
قال الشيخ: السر في ذلك أنه إذا قربت القيامة، وخرج الدجال، ونزل عيسى عليه السلام ببيت المقدس فيضع الإنجيل بجنبه ويقول: أين الكتاب المحمدي؟ وقد أمرني الله أن أحكم بينكم بكتابه، ولا أحكم بالإنجيل.
فيطلبون الدنيا، ويطوفون بالبلاد، فلم يوجد كتابٌ من كتب الشرع المحمدي، فيتحير عيسى عليه السلام ويقول: إلهي؛ بماذا أحكم بين عبادك ولم يوجد غير الإنجيل؟ ، فينزل جبريل ويقول: قد أمر الله تعالى أن تذهب إلى نهر جيحون،

الصفحة 276