كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

ولفظه: "يبايع لرجل بين الركن والمقام، ولن يستحل هذا البيت إلَّا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ثم يجيء الحبشة فيخربونه خرابًا لا يَعْمُر بعده أبدًا، وهم الذين يستخرجون كنزه"، ورواه بهذا اللفظ الأزرقي في "تاريخ مكة"، والحاكم وصححه.
وفي رواية عنه مرفوعًا: "لا يستخرج كنز الكعبة إلَّا ذو السويقتين من الحبشة".
تنبيه
قيل: هذا مخالفٌ لقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} , ولأن الله رد عن مكة الفيل ولم يُمكِّن أصحابه من تخريب الكعبة، ولم تكن إذ ذاك قبلة، فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين؟
وأجيب: بأن ذلك محمول على أنه يقع في آخر الزمان قرب قيام الساعة، حتى لا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله وفيه: أنه يخالف ما يأتي عن كعب أنه يقع في زمن عيسى.
والأولى ما أشار إليه في "فتح الباري"؛ وهو أن يقال: قد أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى الجواب في الحديث بقوله: "ولن يستحل هذا البيت إلا أهله"، ففي زمن أصحاب الفيل ما كان أهله استحلوه، فمنعه الله منهم، وأما الحبشة فلا يهدمونه إلَّا بعد استحلال أهله له مرارًا، فقد استباحها أهل الشام في زمن يزيد بأمره، ثم الحجاج في زمن عبد الملك بأمره، ثم القرامطة بعد الثلاث مئة، فقتلوا من المسلمين في المطاف ما لا يُحصى، وقلعوا الحجر ونقلوه لبلادهم، وقد مر جميع ذلك في القسم الأول.
فلما وقع استحلاله من أهله مرارًا أمكن الله غيرهم من ذلك أيضًا، على أنه ليس في الآية استمرار إلا من المذكورين فيه.
خاتمة
اختلفوا في هدم الكعبة: هل هو في زمن عيسى (¬1) عليه السلام، أو عند قيام الساعة حين لا يبقى أحد يقول: الله الله؟
¬__________
(¬1) وبهذا جزم صاحب "الإحياء" كما في هامش "الإتحاف" (4/ 279). (ز).

الصفحة 300