كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

المدينة حتي يتعارض الحديثان، ويؤيد ذلك: أن المراد باليمن الحجاز؛ لأن الخلافة حينئذ تكون بالأرض المقدسة لا باليمن، والله أعلم.
وأيما كان فهذا أيضًا يدل علي تقدم هدمها علي موت المؤمنين.
ولكن يبقي احتمال أن يكون بعد الدابة؛ لما مر أنها تخرج ليلة المزدلفة، وأنها تطوف علي الناس بمني، إلا أن يقال إنها تحج بعد خرابها أو هدمها، وأن مكة تبقي معمورة بعدها.
وقيل: إن هدمها بعد الآيات كلها قرب قيام الساعة حتي ينقطع الحج، ولا يبقي في الأرض من يقول: الله الله.
ويؤيد هذا: أن زمن عيسي عليه السلام كله زمن سِلْمٍ وخير وبركة وأمن، وأنها قبلة المسلمين والحج إليها أحد أركان الدين، فينبغي أن تبقي ببقاء المسلمين، وأنها تهدم مع رفع القرآن، وسنشير إليه ثَمَّ أيضًا إن شاء الله تعالي.
فائِدَة
قال الفقهاء: إذا هدمت الكعبة -والعياذ بالله- فَعَرصَتُهَا بمنزلتها، فمن صلى خارجها جاز استقبالها مُطلقًا ولو كان أعلي منها؛ كمن صلي علي أبي قُبيس، ومن صلي فيها لابد وأن يستقبل شاخصًا قدر ثلثي ذراع إلى ذراع من بنائها، أو ما لحق بذلك؛ كعصًا مُسَمّرة، أو شجرة نابتة ولو يابسة، أو تراب منها مجتمع، أو حجر منها، أو حفرة ينزل فيها مقدار ما ذكر، وإلا فلا تصح صلاته.
وكذا الطواف يجب أن يكون خارجها، وبالله التوفيق.

تَذْنيبٌ يناسب ذكره المقام، نورده تتميمًا للفائدة
في "مسند الروياني": عن أبي ذر - رضي الله عنه -: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "سيكون رجل من قريش أخنس يلي سُلطانًا، ثم يُغلب عليه -أو: يُنْزَعُ منه- فيفر إلى الروم، فيأتي بهم إلى الإِسكندرية، فيقاتل أهل الإسلام بها، فذلك أول الملاحم".

الصفحة 302