كتاب الإشاعة لأشراط الساعة
ويدل علي ذلك ما في بعض الروايات: "وآخر ذلك -يعني: الآيات- نارٌ تحشر الناس إلى محشرهم".
ورَوي نُعيم عن وهب بن منبه قال: أول الآيات: الروم، ثم الدجال، والثالثة يأجوج ومأجوج، والرابعة عيسي عليه السلام.
أي: وكون عيسي عليه السلام رابعة باعتبار تأخره عن يأجوج ومأجوج، وإن كان باعتبار وقت نزوله مُقدّمًا عليهما فهو باعتبارٍ ثالث، وباعتبار آخر رابع.
والخامسة: الدخان، وسيأتي بيانه وتفصيله.
والسادسة: الدابة؛ أي: وَعَدُّه هذا باعتبار الآيات الأرضية، ومن ثم لم يعد طلوع الشمس، فهو أيضًا يؤيد ما ذكره الحافظ، لكن لو قال: وينتهي ذلك بخروج الدابة بدل قوله: بموت عيسي عليه السلام لكان أولي وأوضح، وكون الروم أولًا حقيقي، وكون الدجال أولًا إضافي؛ لأنه أعظم من الروم، وكأن الروم بالنظر إليه ليس بشيء.
تَبْصِرَة
قوله تعالي: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}: فيه بحسب الظاهر إشكال.
وتقريره: أن قوله: {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} صفة لـ (نفسًا) فصل بينها وبين موصوفها بالفاعل.
وقوله: {أَوْ كَسَبَتْ}، عطف علي الصفة.
فيكون المعني: إذا جاء بعض الآيات لا ينفع الإيمان نفسًا، موصوفةً بأحد الأمرين:
عدم الإيمان، ويلزمه عدم كسب الخير فيه.
وعدم كسب الخير في الإيمان ولو وجد الإيمان واتصفت به.
وهذا إنما يتأتي علي مذهب الاعتزال، وأهل السُّنَّة لا يقولون بذلك.
الصفحة 313
384