كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

ومنها: رجوع الناس إلى عبادة الأوثان:
وقد مرت أحاديثها وأن بعضهم يُؤمن بالدجال، فهذا مَحطُّ حديث: "تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ويكفرون جميعًا قبل يوم القيامة" وهذا محطُّ الأحاديث المصرحة بالعموم، وكلاهما من الأشراط، والله أعلم.
ومنها: رِيحٌ تُلقي الناس في البحر:
أخرج الستة إلا البخاري عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنهما؛ مرفوعًا: "لن تقوم الساعة حتي تروا قبلها عشر آيات. . . ."، وقال في العاشرة: "ورِيحٌ تلقي الناس في البحر".
وفي لفظ الترمذي: "والعاشرة: إما ريحٌ تطرحهم في البحر، وإما نزول عيسي ابن مريم"؛ بالشك من الراوي.
والمراد بكون عيسي عليه السلام عاشرًا في العَدِّ لا في الوقوع.
وظاهره (¬1) أن هذه غير الريح التي تلقي يأجوج ومأجوج في البحر كما مر، وأن هذه تكون عند خروج النار الآتي ذكرها، ويحتمل أن تكون إياها، والله أعلم.
ومنها: تقارب الزمان، وقصر الأيام:
أخرج مسلم عن أبي هريرة، والترمذيُّ عن أنس: "لا تقوم الساعة حتي يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة بالنار. واللفظ للترمذي.
وقد مر في بحث الدجال أن هذا يصير في زمانه أيضًا، ولا مانع من تكرره مرتين: مرة في زمنه، ومرة في آخر الزمان، فالقدرة صالحة لكل شيء.
¬__________
(¬1) وقال القاري (5/ 188): لعل المراد من الناس الكفار، وأن نارهم تكون منضمة إلى ريحٍ شديدة الجري، سريعة التأثير في إلقائها البحر، وهو موضع شر الكفار ... إلخ.
قلت: والظاهر أنه ليس إذ ذاك إلا الكفار؛ لتقدم الريح القابضة علي ذلك، لكن يخالفه ما سيأتي (ص 335): "يحشر الناس علي ثلاثة طوائف طاعمين كاسين" الحديث، إلا أن يقال: إن المراد أن الفرق كلهم من الكفرة. فتأمل. (ز).

الصفحة 331