كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

قال: والجواب عن الثالث: أنه تبين بشواهد الحديث أنه ليس المراد بالنار نار الآخرة، وإنما هي نارٌ تخرج من الدنيا أنذر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروجها، وذكر كيفية ما تفعل في الأحاديث المذكورة.
والجواب عن الرابع: أن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - من رواية علي بن زيد -أي: الذي استدل به المعترض- مع ضعفه لا يُخالف حديث الباب؛ لأنه مُوافقٌ لحديث أبي ذر - رضي الله عنه - في لفظه، وقد تبين من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - ما دل علي أنه في الدنيا، لا بعد البعث في الحشر إلى الموقف، إذ لا حديقة هناك ولا آفة تلقي علي الظهر.
ووقع في حديث علي بن زيد المذكور عند أحمد: أنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك، وأرض الموقف مستوية لا عوج فيها ولا أمتًا، ولا حدب ولا شوك.
قال: هذا ما سنح لي علي سبيل الاجتهاد، ثم رأيت في "صحيح البخاري" في باب المحشر: "يحشر الناس يوم القيامة علي ثلاث طرائق"، فعلمت من ذلك أن الذي ذهب إليه الإمام التُّوربشتي هو الحق الذي لا محيد عنه. انتهي كلام الطيبي مع التلخيص.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" بعدما نقل ذلك عنه ما نصه: قلت: ولم أقف في شيءٍ من طرق الحديث الذي أخرجه البخاري علي لفظ: "يوم القيامة"، لا في "صحيحه"، ولا في غيره، وكذا هو عند مسلم، والإسماعيلي، وغيرهما ليس فيه: "يوم القيامة".
نعم؛ ثبت لفظ: "يوم القيامة" في حديث أبي ذر - رضي الله عنه - المنبه عليه قبل، وهو مُؤولٌ بأن المراد بذلك: أن يوم القيامة يعقب ذلك فيكون من مجاز المجاورة، ويتعين ذلك لما وقع فيه أن الظهر يقل بما يلقي عليه من الآفة، وأن الرجل يشتري الشارف الواحد بالحديقة المعجبة، فإن ذلك ظاهرٌ جدًا في أنه من أحوال الدنيا لا بعد البعث. انتهي كلام الحافظ بلفظه.
وحاصله: أن حمل لفظة من الحديث علي المجاز أهون من إلغاء جملة من ألفاظه وإبطال معني الحديث، فيتعين.

الصفحة 339