كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

حسن، بخلاف قول المتأخرين، حتى إنهم عدوه من الفسق.
الرابع والعشرون: أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بفتنتين، فقال حذيفة - رضي الله عنه -: "أيكون بعد هذا الخير شر؟ قال نعم، قلت: فما العصمة؟ قال: السيف. قلت: وهل بعد السيف بقية؟ قال: نعم؛ إمارة على أقذاء، وهدنة على دخن. قلت: ثم ماذا؟ قال ينشأ دعاة الضلالة".
وفي لفظ: "قلت يا رسول الله؛ كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بالخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ فقال: نعم، وفيه دخن. قلت: ما دخنه؟ قال: قوم يَهِدُّونَ بغير هديي، تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعده من شر؟ قال: نعم؛ دعاة على أبواب جهنم. قلت: صفهم لنا. قال: هم من جِلدتنا" ... الحديث.
وَفسّر سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - هاتين الفتنتين؛ فقال: ثارت الفتنة الأولى؛ فلم يبق ممن شهد بدرًا أحدٌ، ثم كانت الثانية؛ فلم يبق ممن شهد الحديبية أحد، وأظن لو كانت الثالثة لم ترتفع وفي الناس طباخ.
قال البغوي: أراد بالفتنة الأولى مقتل عثمان - رضي الله عنه -، وبالثانية الحرة.
فالفتنة الأولى بدأت من مقتل عثمان - رضي الله عنه -، حتى استقر أمر معاوية - رضي الله عنه -. والفتنة الثانية من موت معاوية رضي الله تعالى عنه، حتى استقر أمر عبد الملك.
ففي الحديث الأول عُدّت الردة من الفتنة؛ لشدتها على المسلمين، ولم تُعَدّ في الحديث الثاني لأنها كانت بين المسلمين والكفار، لا بين المسلمين في أنفسهم.
الخامس والعشرون: عيّن عليه الصلاة والسلام صورة علو الإسلام ورفعته إلى آخر عهد عثمان - رضي الله عنه -، ثم أنذر الفتن.
فقال أعرابي: هل للإسلام منتهىً يا رسول الله؟ قال: "نعم، أيما أهل بيت من العرب والعجم أراد الله بهم خيرًا أدخل الله عليهم الإسلام، ثم تقع الفتن كأنها الظُّلل". الحديث أخرجه البغوي.

الصفحة 363