كتاب الإشاعة لأشراط الساعة

قال الحافظ الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح، غير رافع، وهو ثقة- قال: "يُوشِكُ نار تخرج من حبس سيل، تسير سير بطيئة الإبل، تسير النهار، وتقيم الليل ... " الحديث.
وفي "مسند الفردوس": عن عمر - رضي الله عنه -: "لا تقوم الساعة حتى يسيل وادٍ من أودية الحجاز بالنار، تضيء أعناق الإبل ببصرى".
قال نور الدين السيد علي السمهودي في "تاريخ المدينة": وقد ظهرت هذه النار بالمدينة، واشتهرت اشتهارًا بلغ حد التواتر، وتقدمها زلازل مهولة، وأشفق أهل المدينة منها غاية الإشفاق، والتجؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وكان ابتداء الزلزلة بالمدينة مستهل جمادى الآخرة، وآخر جمادى الأولى، سنة أربع وخمسين وست مئة؛ أي: فيكون قبل قتل المستعصم وخراب بغداد بسنتين.
قال: لكنها كانت خفيفة، واشتدت يوم الثلاثاء، وظهرت ظُهورًا عظيمًا، ثم لما كان ليلة الأربعاء؛ ثالث الشهر، أو رابعه في الثلث الأخير منها حدثت زلزلة عَظِيمة انزعجت القلوب لهيبتها، واستمرت بقية الليل إلى يوم الجمعة، ولها دَويٌّ أعظم من الرعد، فَتمُوجُ الأرض، وتُحَرِّكُ الجُدُرات، حتى وقع في يَومٍ وَاحدٍ دون ليلته ثمان عشرة حركة، فسكنت ضحى يوم الجمعة، ولما كان نصف النهار ظهرت تلك النار، فثار من محل ظُهورها دُخَانٌ متراكم غشي الأفق سواده.
فلما تراكمت الظلمات، وأقبل الليل سطع شُعَاعُ النار، وظهر بقريظة بطرف الحرة ترى في صفة البلد العظيم، عليها سُورٌ محيط، عليه شراريف وأبراج ومنائر، وترى رجال يقودونها لا تمر على جبلٍ إلا دكته وأذابته، ويخرج من مجموع ذلك مثل النهر أحمر وأزرق، له دويٌّ كدوي الرعد، يأخذ الصخور من بين يديه، وينتهي إلى محط الركب العراقي، واجتمع من ذلك رَدْمٌ صار كالجبل العظيم، وانتهت النار إلى قرب المدينة، ومع ذلك، فكان يأتي المدينة نَسِيمٌ بَارِدٌ، وشوهد لهذه النار غليانٌ؛ كغليان البحر.
وقال بعض أصحابنا: رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام، وسمعت أنها رُؤيَت من مكة، ومن جبال بصرى.

الصفحة 87