كتاب تعليق مختصر على لمعة الاعتقاد للعثيمين

وقد ذكرت هذه الصفة في حديث الصُّور المشهور لكن سنده ضعيف متكلم فيه112، وحذفت من الأحاديث الصحيحة فاقتصر منها على ذكر الشفاعة في أهل الكبائر.
قال ابن كثير وشارح الطحاوية: وكان مقصود السلف من الاقتصار على الشفاعة في أهل الكبائر هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة.
وهذه الشفاعة لا ينكرها المعتزلة والخوارج ويشترط فيها إذن الله لقوله تعالى:
{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِه} [البقرة: 255] .
النوع الثاني: العامة، وهي الشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أهل الكبائر أن يخرجوا منها بعدما احترقوا وصاروا فحمًا وحميمًا. لحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أو كما قال تصيبهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم فيميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحمًا أذن في الشفاعة" الحديث رواه أحمد113.
قال ابن كثير في النهاية ص: 204، ج: 2، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه.
وهذه الشفاعة تكون للنبي -صلى الله عليه وسلم- وغيره من الأنبياء والملائكة والمؤمنين لحديث أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه: "فيقول الله تعالى: شفعت الملائكة وشفع النبيون
__________
112 حديث ضعيف: وهو حديث طويل جدًا في إسناده إسماعيل بن رافع وهو ضعيف، ومحمد بن يزيد أو زياد: هو مجهول، وقد أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره "146/2- 148" عن الطبراني، وقال: هذا حديث مشهور وهو غريب جدًا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة، تفرد به إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وقد اختلف فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ونصَّ على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة، وراجع النهاية لابن كثير "253/1".
113 أحمد في مسنده "94/3".

الصفحة 129