كتاب العبودية
وَمن زعم أَن هَذَا ذكر الْعَامَّة وَأَن ذكر الْخَاصَّة هُوَ الِاسْم الْمُفْرد وَذكر خَاصَّة الْخَاصَّة هُوَ الِاسْم الْمُضمر فهم ضالون غالطون واحتجاج بَعضهم على ذَلِك بقوله [91 الْأَنْعَام] : {قل الله ثمَّ ذرهم فِي خوضهم يَلْعَبُونَ} من أبين غلط هَؤُلَاءِ فَإِن الِاسْم [الله] مَذْكُور فِي الْأَمر بِجَوَاب الِاسْتِفْهَام فِي الْآيَة قبله وَهُوَ قَوْله [91 الْأَنْعَام] : {قل من أنزل الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نورا وَهدى للنَّاس تجعلونه قَرَاطِيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلّمتم مَا لم تعلمُوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم قل الله} أَي: الله هُوَ الَّذِي أنزل الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى فالاسم [الله] مُبْتَدأ وَخَبره قد دلّ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَام كَمَا فِي نَظَائِر ذَلِك؛ تَقول: من جَاره؟ فَيَقُول: زيد.
وَأما الِاسْم الْمُفْرد مظْهرا أَو مضمرا فَلَيْسَ بِكَلَام تَامّ وَلَا جملَة مفيدة وَلَا يتَعَلَّق بِهِ إِيمَان وَلَا كفر وَلَا أَمر وَلَا نهي.
وَلم يذكر ذَلِك أحد من سلف الْأمة وَلَا شرع ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُعْطي القلبَ بِنَفسِهِ معرفَة مفيدة وَلَا حَالا نَافِعًا وَإِنَّمَا يُعْطِيهِ تصورا مُطلقًا وَلَا يُحكم عَلَيْهِ بِنَفْي وَلَا إِثْبَات فَإِن لم يقْتَرن بِهِ من معرفَة الْقلب وحاله مَا يُفِيد
الصفحة 137
174