كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير
وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} (¬1): " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معنى ذلك: أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا من المطر والنبات، ففتقنا السماء بالغيث والأرض بالنبات.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في ذلك لدلالة قوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} على ذلك، وأنه جلّ ثناؤه لم يعقب ذلك بوصف الماء بهذه الصفة إلا والذي تقدمه من ذكر أسبابه " (¬2).
ومن الذين أسهموا في إبراز دور السياق واستثمروه الراغب الأصفهاني (ت 502 هـ)، في كتابه (مفردات القرآن) , فقد أثنى الزركشي على منهجه وهو يتحدث عن تفسير بعض آي القرآن الذي لم يرد فيه نقل, حيث قال: "وطريق التوصل إلى فهمه: النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب، ومدلولاتها، واستعمالاتها، بحسب السياق, وهذا يعتني به الراغب كثيراً في كتاب (المفردات) , فيذكر قيداً زائداً على أهل اللغة في تفسير مدلول اللفظ؛ لأنه اقتنصه من السياق" (¬3).
كما يمكننا الإشارة إلى ما فعله الشافعي في إخراجه كتاب (الرسالة) التي
¬_________
(¬1) سورة الأنبياء، الآية (30).
(¬2) جامع البيان / الطبري، ج 17، ص 26.
(¬3) البرهان في علوم القرآن / الزركشي، ج 2، ص 172.