كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير

عازمون على أنهم لو ردوا لآمنوا " (¬1).
حجة من قال: إن المراد بقوله: {بَلْ بَدَا لَهُمْ} أي ما يكتمونه من الشرك:
وهذا القول يشبه سابقه، وأصحاب هذا القول استدلوا على ذلك بما جاء في قوله تعالى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (¬2) أي عرفوا أنهم هالكون بشركهم، فتمنوا لذلك (¬3).
قال مقاتل: "وذلك أنهم حين قالوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أوحى الله إلى الجوارح، فشهدت عليهم بما كتموا من الشرك، فذلك قوله: {بَلْ بَدَا لَهُمْ ... }، يعنى ظهر لهم من الجوارح مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ بألسنتهم من قبل أن تنطق الجوارح بالشرك، فتمنوا عند ذلك الرجعة إلى الدنيا، {فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} (¬4) " (¬5).
قال النيسابوري: " قال أكثر المفسرين: إن المشركين في بعض مواقف القيامة يجحدون الشرك فيقولون {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (¬6) فينطق الله
¬_________
(¬1) الكشاف / الزمخشري، ج 2، ص 336.
(¬2) سورة الأنعام، الآية (23).
(¬3) انظر محاسن التأويل / القاسمي، ج 4، ص 343.
(¬4) سورة الأنعام، الآية (27).
(¬5) تفسير مقاتل / مقاتل، ج 1، 248.
(¬6) سورة الأنعام، الآية (23).

الصفحة 159