كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير

خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} ظاهر هذه الآية أن آدم خلق من صلصال؛ أي طين يابس. وقد جاء في آيات أخر ما يدل على خلاف ذلك، كقوله تعالى: {مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} (¬1)، وكقوله: {كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} (¬2).
والجواب: أنه ذكر أطوار ذلك التراب، فذكر طوره الأول بقوله: {مِنْ تُرَابٍ}، ثم بُلّ فصار طيناً لازباً، ثم خمِّر فصار حمأ مسنوناً، ثم يبس فصار صلصالاً كالفخار. وهذا واضح " (¬3).

3 - مثال أصحاب الأيكة:
قال تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180)} (¬4).
اختلف المفسرون في أصحاب الأيكة (¬5) هل هم أهل مدين أو هم قوم
¬_________
(¬1) سورة الصافات، الآية (11).
(¬2) سورة آل عمران، الآية (59).
(¬3) دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب / الشنقيطي، ص 131.
(¬4) سورة الشعراء، الآية (176 - 180).
(¬5) الأيكة: (أيك) الأَيْكةَ الشجر الكثير الملتفّ وقيل هي الغَيْضة تُنْبِتُ السَّدْر والأَراك ونحوهما من ناعم الشجر وخص بعضهم به منبت الأَثْل ومُجتَمعه وقيل الأَيْكة جماعة الأَراك وقال أَبو حنيفة قد تكون الأَيْكة الجماع من كل الشجر حتى من النخل قال والأَول أَعرق والجمع أَيْكٌ وأَيِكَ الأَراك فهو أَيِكٌ واسْتَأْيَك كلاهما التفٍّ وصار أَيكة. لسان العرب / ابن منظور، ج 1، ص 289، مادة: أيك.

الصفحة 169