كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير
المتقدمة أو بعد بعض ما تقدم" (¬1).
حجة من قال: إن الذبيح هو إسحاق عليه السلام وليس إسماعيل:
استدل أصحاب هذا القول على ما جاء في القرآن، وعلى ماذكرته الأسفار أيضاً وقال الطبري مستدلاً على قوله بما جاء في القرآن فقال: " وأولى القولين بالصواب في المَفْديّ من ابني إبراهيم خليل الرحمن على ظاهر التنزيل قول من قال: هو إسحاق، لأن الله قال: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (¬2) فذكر أنه فدَى الغلامَ الحليمَ الذي بُشِّر به إبراهيم حين سأله أن يهب له ولدًا صالحًا من الصالحين، فقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} (¬3) فإذ كان المفدِيّ بالذبح من ابنيه هو المبشَّر به، وكان الله تبارك اسمه قد بين في كتابه أن الذي بُشِّر به هو إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فقال جل ثناؤه: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (¬4) وكان في كل موضع من القرآن ذكر تبشيره إياه بولد، فإنما هو معنيّ به إسحاق، كان بيَّنا أن تبشيره إياه بقوله: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (¬5) في هذا الموضع نحو سائر أخباره في غيره من آيات القرآن.
¬_________
(¬1) التحرير والتنوير، ج 11، ص 160.
(¬2) سورة الصافات، الآية (107).
(¬3) سورة الصافات، الآية (107).
(¬4) سورة هود، الآية (71).
(¬5) سورة الصافات، الآية (101).