كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير
استعارةٌ، إلا أنها شائعة في القرآن حتى ساوت الحقيقة , فلا إشكال في استعمال (أمتَّنا) في حقيقته ومجازه، ففي ذلك الفعل جمع بين الحقيقة والاستعارة التبعية تبعاً لِجريان الاستعارة في المصدر، ولا مانع من ذلك لأنه واقع ووارد في الكلام البليغ كاستعمال المشترك في معنييه، . وأما الموتة الثانية فهي الموتة المتعارفة عند انتهاء حياة الإنسان والحيوان.
والمراد بالاحياءتَيْن: الاحياءة الأولى عند نفخ الروح في الجسد بعد مبدأ تكوينه، والإِحياءة الثانية التي تحصل عند البعث، وهو في معنى قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} " (¬1) (¬2).
وهذا القول الذي رجحه ابن عاشور هو قول جمهور السلف (¬3).
حجة أصحاب القول الأول الذين يرون أن الحياة تحصل ثلاث مرات أحدهما في الدنيا والثانية في القبر والثالثة عند البعث، والموت؛ مرة عند
¬_________
(¬1) سورة البقرة، الآية (28).
(¬2) التحرير والتنوير / ابن عاشور، ج 11، ص 97 - 98.
(¬3) انظر جامع البيان / الطبري ج 1، ص 217، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج 4، ص 549، والتفسير الكبير/ الرازي، ج 9، ص 494، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج 1، ص 266، عند تفسيره لقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} وذكر أنه أصح الأقوال، والبحر المحيط/ أبو حيان، ج 7، ص 435، ، ، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج 1، ص 332، وفتح القدير/ الشوكاني، ج 1، ص 60، وروح المعاني/ الألوسي، ج 12، ص 305، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج 8، ص 190، وكذلك حققه الشنقيطى في أضواء البيان ص 1471، وبين أنه القول الراجح الذي لا ينبغي العدول عنه.