كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير

اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (¬1).
اختلف المفسرون في تفسير الفرش في هذه الآية، وقد ذكر هذا الخلاف ابن عاشور في تفسيره فقال: " الفرش ما لا يُطيق الحَمل من الإبل أي فهو يركب كما يُفرش الفَرش، وهذا قول الراغب.
وقيل: الفَرش الصّغار من الإبل أو من الأنعام كلّها، لأنَّها قريبة من الأرض فهي كالفرش، وقيل: الفرش ما يذبح لأنّه يفرش على الأرض حين الذبح أو بعده، أي فهو الضان والمعز والبقر لأنَّها تذبح.
وفي «اللّسان» عن أبي إسحاق: أجمع أهل اللّغة على أنّ الفرش هو صغار الإبل " وزاد في «الكشاف»: «أو الفَرْش: ما يُنْسَج من وبره وصوفه وشَعْره الفرْش» يريد أنه كما قال تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (¬2) {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (¬3)، ولأنَّهم كانوا يفترشون جلود الغنم والمعز للجلوس عليها " (¬4).
ورجّح ابن عاشور جميع تلك المعاني في معنى الفرش لكونها جميعاً محتملة فقال: " ولفظ (فرشا) صالح لهذه المعاني كلّها، ومحامله كلّها مناسبة للمقام،
¬_________
(¬1) سورة الأنعام، الآية (142).
(¬2) سورة النحل، الآية (80).
(¬3) سورة النحل، الآية (5 - 6).
(¬4) التحرير والتنوير، ج 5، ص 125.

الصفحة 861