كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير
يعمل الإنسان بما لا يعلم " (¬1).
5 - مثال رؤية العذاب:
قال تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} (¬2).
حصل خلاف بين المفسرين في قوله تعالى: {وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} على عدة أقوال , جمعها ابن عاشور في تفسيره فقال: " وأما قوله تعالى: {وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} فيحتمل معاني كثيرة فرضها المفسرون: وجماع أقوالهم فيها أخذاً ورداً أن نجمعها في خمسة وجوه:
أحدها: أن يكون عطفاً على جملة {فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} والرؤية بصرية، والعذاب عذاب الآخرة، أي أحضر لهم آلة العذاب ليعلموا أن شركاءهم لا يغنون عنهم شيئاً. وعلى هذا تكون جملة: {لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} مستأنفة ابتدائية مستقلة عن جملة {وَرَأَوُا الْعَذَابَ}.
الثاني: أن تكون الواو للحال , والرؤية أيضاً بصرية والعذاب عذاب الآخرة، أي وقد رأوا العذاب فارتبكوا في الاهتداء إلى سبيل الخلاص فقيل لهم: ادعوا
¬_________
(¬1) أضواء البيان / الشنقيطي، ص 580.
(¬2) سورة القصص، الآية (64).