كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير

مضاف تقديره: ورأوا آثار العذاب، والرؤية بصرية، أي وهم رأوا العذاب في حياتهم أي رأوا آثار عذاب الأمم الذين كذبوا الرسل وهذا في معنى قوله تعالى في سورة إبراهيم: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} (¬1) وجملة: {لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} شرط جوابه محذوف دل عليه: {لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} أي بالاتعاظ وبالاستدلال بحلول العذاب في الدنيا على أن وراءه عذاباً أعظم منه لاهتدوا فأقلعوا عن الشرك وصدقوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا لأنه يفيد معنى زائداً على ما أفادته جملة {فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} فهذه عدة معان يفيدها لفظ الآية، وكلها مقصودة، فالآية من جوامع الكلم (¬2).
ومما تقدم نلمس اهتمام ابن عاشور بقاعدة المبحث وذلك من خلال احتماله لكل ما سبق من المعاني في الآية.
ورجّح الطبري، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، والشوكاني، والألوسي، والقاسمي أن المراد بقوله تعالى {وَرَأَوُا الْعَذَابَ} أي: في الآخرة , عاينوه فودوا حين رأو لعذاب لو أنهم كانوا في الدنيا مهتدين (¬3).
¬_________
(¬1) سورة إبراهيم، الآية (45).
(¬2) التحرير والتنوير، ج 10، ص 160 - 161.
(¬3) انظر جامع البيان / الطبري، ج 20، ص 115.، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج 4، ص 295، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج 13، ص 315.، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج 10، ص 478، وفتح القدير / الشوكاني، ج 4، ص 182.، وروح المعاني / الألوسي، ج 10، ص 308، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج 7، ص 553.

الصفحة 878