كتاب قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير
الاستئصال يقال أتاهم الملك إذا عاقبهم قاله القرطبي، قلت وذلك في كل إتيان مضاف إلى منتقم أو عدو أو فاتح كما تقول: أتاهم السبع بمعنى أهلكهم وأتاهم الوباء ولذلك يقولون أتى عليه بمعنى أهلكه واستأصلَه، فلما شاع ذلك شاع إطلاق الإتيان على لازمه وهو الإهلاك والاستئصال قال تعالى: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} (¬1).
الوجه الثالث: إسناد الإتيان إلى الله تعالى إسناد مجازي وإنما يأتيهم عذاب الله يوم القيامة أو في الدنيا وكونه {في ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} زيادة تنويه بذلك المظهر ووقعه لدى الناظرين.
الوجه الرابع: يأتيهم كلام الله الدالُّ على الأمر ويكون ذلك الكلام مسموعاً من قِبَل ظلل من الغمام تحفه الملائكة.
الوجه الخامس: أن هنالك مضافاً مقدراً أي يأتيهم أمر الله أي قضاؤه بين الخلق أو يأتيهم بأس الله بدليل نظائره في القرآن أو يأتي أمر ربك وقوله: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا} (¬2) ولا يخفى أن الإتيان في هذا يتعين أن يكون مجازاً في ظهور الأمر.
الوجه السادس: حذف مضاف تقديره، آيات الله أو بيناته أي دلائل قدرته أو دلائل صدق رُسُله ويبعِّده قوله: {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} إلاّ أن
¬_________
(¬1) سورة الحشر، الآية (2).
(¬2) سورة الأعراف، الآية (4).