كتاب مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر

§بَابُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: افْتَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ أَوَّلَ مَا افْتَرَضَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ أُمَّتَهُ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ بَعْدَ هِجْرَتِهِ وَقُدُومِهِ الْمَدِينَةَ وَنُزُولِ الْفَرَائِضِ عَلَيْهِ فَرِيضَةً بَعْدَ فَرِيضَةٍ مِنَ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ يُخْبِرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَقَدِمَتْ عَلَيْهِ وُفُودُ الْعَرَبِ بَعْدَ فَتْحِهِ مَكَّةَ وَرُجُوعِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعَشْرٍ مِنَ الْبَادِيَةِ وَنَوَاحِيهَا، يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْفَرَائِضِ، يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنَّ عَدَدَ الصَّلَوَاتِ الْمُفْتَرَضَاتِ خَمْسٌ وَوَجَّهَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِقَلِيلٍ، فَأَمَرَ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّ فَرْضَ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ. ثُمَّ آخِرُ مَا خَطَبَ بِذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ عَدَدَ الصَّلَوَاتِ الْمُفْتَرَضَاتِ خَمْسٌ، لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَفِيهَا نَزَلَتْ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3]، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ ذَلِكَ فَرِيضَةٌ، وَلَا حَرَامٌ، وَلَا حَلَالٌ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَاتَ بَعْدَ رُجُوعِهِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: «أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ»، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ يَجْهَلَانِ فَرِيضَةَ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ، هُمَا يَحْتَاجَانِ إِلَيْهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، حَتَّى يَجْحَدَا فَرْضَهَا، مَنْ ظَنَّ هَذَا بِهِمَا فَقَدْ أَسَاءَ الظَّنَّ بِهِمَا
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَا أَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ عِنْدَ الْبَيْتِ إِذْ §أُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ، يُقَالُ لَهَا: الْبُرَاقُ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقْنَا -[270]- حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟، قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟، قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟، قَالَ: نَعَمْ. فَفُتِحَ لَنَا "، فَذَكَرَ سَمَاءً سَمَاءً كَذَلِكَ، قَالَ: " حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا خَمْرٌ وَالْآخَرُ لَبَنٌ، فَعُرِضَا عَلَيَّ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ، أَصَابَ اللَّهُ بِكَ أُمَّتَكَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَفُرِضَ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسُونَ صَلَاةً، فَأَقْبَلْتُ بِهَا حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَأَنْبَأْتُهُ فَقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَاكَ، وَإِنِّي بَلَوْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكِ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَأَنْبَأْتُهُ بِمَا حَطَّ عَنِّي فَقَالَ مِثْلَ مقَالَتِهِ، فَمَا زِلْتُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى، يَحُطُّ عَنِّي خَمْسًا خَمْسًا حَتَّى رَجَعْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ لِي مِثْلَ مقَالَتِهِ، فَقُلْتُ: لَقَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى لَقَدِ اسْتَحْيَيْتُ، لَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ نُودِيتُ: إِنِّي قَدْ خَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي، وَأَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَجَعَلْتُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا "

الصفحة 269