كتاب مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر

§بَابُ ذِكْرِ الْوِتْرِ بِثَلَاثٍ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ عُمَرَ، «لَمَّا دَفَنَ أَبَا بَكْرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ §أَوْتَرَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَأَوْتَرَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «لَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ» وَقِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْوِتْرِ، فَقَالَ: كَانَ عُمَرُ أَفْقَهَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ يَنْهَضُ فِي الثَّالِثَةِ بِالتَّكْبِيرِ وَعَنْهُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ «كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ مِثْلَ الْمَغْرِبِ لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُنَّ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَقَدْ رَوَيْنَا فِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ خِلَافَ هَذَا أَنَّهُمْ سَلَّمُوا فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْوِتْرِ وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنَّهُ سَأَلَ الْحَسَنَ، أَيُسَلِّمُ الرَّجُلُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْوِتْرِ فَقَالَ: «نَعَمْ» فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَثْبَتُ مِمَّا خَالَفَهَا وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ،: «صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وِتْرُ النَّهَارِ، وَوِتْرُ اللَّيْلِ كَوِتْرِ النَّهَارِ» وَعَنْ ثَابِتٍ: بِتُّ عِنْدَ أَنَسٍ، فَقَامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، وَكَانَ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ مَثْنَى، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ صَلَاتِهِ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ مِثْلَ الْمَغْرِبِ، لَمْ يُسَلِّمْ بَيْنَهُنَّ وَعَنْ أَنَسٍ: «الْوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ» وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ، «لِلَّيْلِ وِتْرٌ، وِلِلَّنَهَارِ وِتْرٌ، فَوِتْرُ النَّهَارِ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ، وَوِتْرُ اللَّيْلِ مِثْلُهُ» وَعَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو بِمَعْنَاهُ وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ رُسْتُمَ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ، وَمُحَمَّدًا، وَقَتَادَةَ، وَبَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ، وَمُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ، وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، يَقُولُونَ: «الْوِتْرُ ثَلَاثٌ» -[295]- وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: «كَانَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ لَا يُسَلِّمُونَ فِي الْوِتْرِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ» وَعَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ: «كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يَقْعُدُ بَيْنَهُنَّ» وَعَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ: «كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ وَلَا يَتَشَهَّدُ إِلَّا فِي أُخْرَاهِنَّ» وَقَالَ حَمَّادٌ، كَانَ أَيُّوبُ، يُصَلِّي بِنَا فِي رَمَضَانَ، فَكَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يَجْلِسُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَحْيَانًا بالشَيْءِ يُبْقِي عَلَيْهِ مِنَ السُّورَةِ، وَيَقْرَأُ فِي الْآخِرَةِ بِالسُّورَةِ، وَأَحْيَانًا يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَكَانَ لَا يَدَعُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، لَا يُجَاوِزُهَا " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنِ الْوِتْرَ بِوَاحِدَةٍ، وَبِثَلَاثٍ، وَبِخَمْسٍ وَسَبْعٍ وَتِسْعٍ، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ حَسَنٌ عَلَى مَا رُوِّينَا مِنَ الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَالَّذِي نَخْتَارُ مَا وَصَفْنَا مِنْ قَبْلُ. قَالَ: فَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ بَعْدَهَا بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا شَيْئًا، فَالَّذِي نَخْتَارُهُ لَهُ وَنَسْتَحِبُّهُ أَنْ يُقَدِّمَ قَبْلَهَا رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ وَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ جَازَ ذَلِكَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ، وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ، وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيُّ، سَأَلْتُ أَحْمَدَ، عَنِ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ: «إِنْ كَانَ قَبْلَهَا تَطَوُّعٌ فَلَا بَأْسَ» قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلُكَ: إِنْ كَانَ قَبْلَهَا تَطَوُّعٌ؟ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُصَلِّيَ تَطَوُّعًا، تَأْمُرُهُ بِذَلِكَ؟، قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِنْ أَخَذَ بِفِعْلِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ «وَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ» لَا بَأْسَ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ وَمَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ. وَبِهِ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ «يُجْزِئُ الْوِتْرُ بِرَكْعَةٍ»

الصفحة 294