كتاب تفسير العثيمين: الأحزاب

الآية (٢)
* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [الأحزاب: ٢].
* * *

قوله تعالى: "بِمَا يَعْمَلُونَ" حسب النُّسخة التي عِندي.
{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} نَقول في: {اتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ} كما قُلنا في {اتَّقِ اللَّهَ}، يَعنِي: استَمِرَّ على اتِّباعه، واتِّباع ما يُوحَى إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنِّسبة للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يَشمَل: اتِّباعَه بالتَّبليغ، واتِّباعه بالدَّعوة، واتِّباعه بالعمَل؛ لأن النبيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ مأمور بالأمور الثلاث؛ مَأْمور بتَبليغه، وبالدَّعوة إليه، وبالعمَل به.
وقوله تعالى: {مَا يُوحَى إِلَيْكَ} الوحيُ في الأصل: الإعلام بسُرعة وخَفاء، والمُراد به هنا: إبلاع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما شرَعه اللَّه عَزَ وَجَلَّ؛ سواء كان بواسِطة أو بغير واسِطة.
ومعلوم أن إبلاغ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنَبيِّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الوحيَ لا يَكون ظاهِرًا للناس؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يُعرَف أنه يُوحَى إليه إلَّا بما يَظهَر من علامات الوَحي، لكن لا نَدرِي كيف يُوحَى إليه لولا أنه أَخبَرنا بذلك.
وقوله تعالى: {مَا يُوحَى إِلَيْكَ}: {مَا} هذه اسم موصول من صِيَغ العُموم، تَشمَل كلَّ ما يُوحَى إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

الصفحة 21