كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 15)

90 - خالد بن يوسف بن سَعْد بن الحسن بن مفرّج بن بكّار، الحافظ المفيد، زينُ الدّين، أبو البقاء النّابلسيّ ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 663 هـ]
وُلِد بنابُلس سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة، وقدِم دمشقَ فنشأ بها، وسمع من بهاء الدّين القاسم ابن عساكر، ومحمد بن الخصيب، وحنبل وابن طَبَرْزَد وطائفة، ورحل فسمع ببغداد من الحُسَين بن شنيف، وأبي محمد بن الأخضر، وابن مَنِينا، وطبقتهم، وكتب وحصّل الأُصُول النّفيسة، ونظر في اللُّغة والعربيّة، وكان إمامًا متقِنًا ذكيًّا فطِنًا، ظريفًا، حُلْو النّادرة، صاحب مزاحٍ ونوادر، وكان يعرف قطعةً كبيرةً من الغريب والأسماء، والمختلِف والمؤتلِف، وله صورة كبيرة، وله حكايات مُتدَاوَلة بين الفُضَلاء، وكان الملك النّاصر يُحِبّه، ويُكرمه.
روى عنه الشّيخ محيي الدّين النّواويّ، والشّيخ تاجُ الدّين الفَزَاريّ، وأخوه الخطيبُ شرفُ الدّين، والشيخ تقيّ الدّين ابن دقيق العيد، والشيخ أبو عبد الله الملقن، والبرهان الذهبي، والكمال محمد ابن النحاس، والشَّرف صالح بن عربْشاه، ومحيي الدّين إمام مشهد عليّ، وطائفة سواهم.
وتُوُفّي في سلْخ جمادى الأولى.
ومن أخباره المشهورة أنّ بعض جيران التُّربة العِزّية اعترض الزّين، رحمه الله، وكان شيخَ الحديث بها، فقال: أأنت تقول إنّ الإمام عليّ ما هو معصوم؟ فقال: ما أخفيك شي، وكان رحمه الله يلهج بها كثيرًا، أبو بكر الصّديق عندنا أفضل من عليّ، وما هو معصومًا، وكان الزَّين خالد، رحمه الله، يَجْبَهُ النّاس بالحقّ وبالمزح، ولا يهاب أحدًا، وله في ذلك أخبار، وكان ضعيف الكتابة جدًّا مع إتقانها. وكان يعرج من رِجْله، وولي أيضًا مشيخة النّوريّة. وكان قصيرًا، شديد السُّمرة، يلبس قصيرًا.
حدَّث الشَّرف النَّاسخُ أنّه كان يحضر الملك الناصر ابن العزيز، فقام -[85]-
شاعر وأنشد مِدْحةً في النّاصر، فقام الزّين خالد فقلع سراويله، وخلعه على الشّاعر، فضحِك السلطان كثيراً، وقال: يا زين الدّين، ما حَمَلَك على هذا؟ قال: ما وجدت مَغْرَمًا لا أحتاج إليه إلّا اللّباس. فتعجّب السلطان ووصله.

الصفحة 84