كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

المولى، لا يجوز للمولى أن يكفر به عنه بإذنه. نعم، لو مات العبد والمكاتب جاز للمولى أن يكفر عنه بالإطعام والكسوة، وإن قلنا: إن العبد لا يملك بالتمليك؛ لأن التكفير عنه في الحياة يتضمن دخوله في ملكه، والتكفير بعد الموت لا يستدعى ذلك؛ فليس للسيد ملك محقق.
وأيضاً فإن الرق لا يبقى بعد الموت؛ فهو والحر سواء.
قال الإمام: ويتطرق إليه احتمال وجه مذكور في الكفارات- فيما إذا أعتق العبد وعليه كفارة، وأراد أن يكفر بالمال، وقلنا: إن الاعتبار بحال الوجوب-: أنه لا يجوز؛ لأنه لم يكن أهلاً للتكفير بالمال حينئذ.
وإذا قلنا بالظاهر فهل يجزئ إعتاقه عنه؟ فيه وجهان، أصحهما- وهو المذكور في "التهذيب" المنع؛ لما ذكرناه من إشكال الولاء.
فرع: إذا قلنا: يجوز للعبد أن يكفر بالمال، فهل له العدول عنه إلى الصيام؟ الذي أبداه الإمام والرافعي في كتاب الظهار: الوجوب، والذي يقتضيه إيراد الشيخ هاهنا: عدمه.
آخر: إذا أعتق العبد بعد اليمين، ثم حنث؛ فحكمه في الكفارة حكم الأحرار، وإن حنث في حال الرق، ثم أعتق، فإن كان معسراً كفر بالصوم.
وإن حصل له مال، فإن قلنا: الاعتبار بحال الأداء، أو بأعلى الحالين، كفر بالمال، ولم يجزئه الصوم.
وإن قلنا: الاعتبار بحال الوجوب، أجزأه الصوم.
وإن أراد أن يكفر بالمال، فإن قيل: إن العبد يجوز أن يكفر بالمال على قوله القديم: إنه يملك إذا ملكه سيده، كان بعد عتقه أولى بالجواز.
وإن قيل: إنه لا يجوز للعبد أن يكفر بالمال على قوله في الجديد: إنه لا يملك، فهل يجوز له بعد عتقه أن يكفر بالمال؟ على وجهين:
أحدهما: يجوز؛ لأنه عند تكفيره حر؛ فأشبه الحر المعسر.
والوجه الثاني: لا يجوز؛ لأنه لو أراد التكفير بالمال عند الوجوب لم يجزئه، بخلاف الحر المعسر الذي لو كفر بالمال أجزأه؛ فلزمه استصحاب هذا الحكم بعد عتقه؛ لاستقرار وجوبه في حال رقه؛ فصار في حصول تكفيره ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يكفر إلا بالمال.
والثاني: لا يكفر إلا بالصوم.

الصفحة 17