كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

والثالث: أنه مخير بين التكفير بالمال أو الصيام، كذا حكاه الماوردي.
والذي حكاه ابن الصباغ- على القول باعتبار حال الوجوب- أن المذهب: أن له أن يكفر بالعتق والإطعام والكسوة.
ومن أصحابنا من قال: لا يكفر بالعتق قولاً واحداً، وفي الإطعام والكسوة القولان في ملك العبد؛ لأن الاعتبار بحال الوجوب، وحال الوجوب كان عبداً.
قال: وإن أراد أن يكفر بالصوم في وقت لا ضرر على مولاه فيه، أي: مثل أن كان في الشتاء أو ما قاربه من الزمان القصير المعتدل، جاز، أي: من غير إذن المولى، سواء حلف بإذنه وحنث بإذنه، أو بغير إذنه، لأنه لا ضرر عليه في ذلك؛ فلم يكن له منعه منه؛ كما لو أراد أن يتطوع بالصلاة في غير زمان الخدمة، أو يقرأ القرآن.
وحكى الماوردي وغيره وجهاً: أنه لا يجوز من غير إذنه؛ لأنه ينقض نشاطه.
وحكم التطوع بالصوم في مثل هذا الوقت حكم الصوم عن الكفارة.
وفي "النهاية": أن ما ذكر من جواز الصوم تبرعاً أو فرضاً حيث لا يؤثر في الرقبة والقوة في العبد، أما الأمة فللسيد أن يفطرها في صوم التطوع، وصوم الفرض إن لم يكن سبب وجوبه بإذنه.
قال: وإن كان عليه ضرر فيه؛ بأن كان في حر شديد، أو في طول النهار، أو كان يضر به ويضعفه عن العمل- نظر:
فإن كان حلف بغير إذنه وحنث بغير إذنه لم يجز؛ لأن السيد لم يأذن له فيما ألزم نفسه مما يتعلق به ضرر على السيد؛ فكان له منعه وتحليله منه؛ كما لو أحرم بالحج بغير إذنه.
قال: وإن كان حلف بإذنه، وحنث بغير إذنه- فقد قيل: يجوز؛ لأن الإذن في الحلف إذن فيما يتعلق به ويترتب عليه؛ كما أن الإذن في النكاح إذن فيما يتعلق به من اكتساب المهر والنفقة، وهذا ما رجحه في "التهذيب".
قال: وقيل: لا يجوز، وهو الأصح؛ لأن اليمين مانعة من الحنث، ولا يعقبها وجوب الكفارة؛ فلم يكن إذنه فيها إذناً في إلزام الكفارة.

الصفحة 18