كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

قال الإمام: ولا يمكن طوف العالم والتفحص، وإنما المراد ما يبلغ خبره ويعرف.
وقيل: المعتبر سن اليأس غالباً، ولا نظر إلى الأقصى؛ كما يعتبر في المستحاضة [و] المبتدأة الرد إلى الغالب في قول.
وعلى كلا الوجهين: هل المعتبر نساء زمانها أو نساء أي زمان كان؟ الذي رأيته في "الإبانة" الأول، وكذلك في "تعليق" القاضي الحسين و"التتمة"، وغيرهم لم يتعرض لذلك.
واعلم أن القول باعتبار إياس جميع النساء هو الراجح على ما يقتضيه إيراد أكثرهم، خلا صاحب "التهذيب" كما حكيناه عنه، وقد حكى الروياني في "جمع الجوامع"، أن أبا إسحاق قال: لعله أصح القولين.
وقد اختلف أئمتنا في سنه – تفريعاً على هذا القول- على ستة مذاهب:
أشهرها: أنه اثنتان وستون سنة.
وقيل: ستون سنة، وهو ما ذهب إليه ابن القاص والشيخ أبو حامد، ويعضده ما رواه ثابت [بن] قرة الحراني في كتاب "الذخيرة في الطب": أن أقل سن [الإياس] وانقطاع الحيض خمس وثلاثون سنة، وأكثره ستون سنة.
وقيل: خمسون سنة، وينسب هذا إلى رواية أبي الحسين بن خيران في "اللطيف".
وذكر أبو الفرج السرخسي: أن المرأة إنما تبلغ سن الإياس إذا جاوزت سبعين سنة، وحكى أن امرأة حاضت لسبعين سنة.
ويقرب منه ما حكاه الماوردي: أن امرأة من بني تميم [ذات] خفر وخشوع أخبرته بجامع البصرة أن الدم عاودها بعد الإياس كما كان يعتادها في زمان الشباب منذ سنة، وكان سنها نحو سبعين سنة.
وفي "الجيلي" حكاية وجه: أنه خمس وثمانون سنة.
وفي "البيان": أن بعضهم قال: إن غير العربية لا تحيض بعد خمسين سنة، والعربية تحيض بعدها، ولا تحيض بعد ستين سنة إلا قرشية.

الصفحة 40