كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

قال الماوردي: وهذا قول لا يتحقق.
ووراء ما ذكرناه في اعتبار سن الإياس وجه آخر: أن المرجع فيه إلى سن نساء البلد الذي هي فيه؛ لأن للأهوية تأثيراً في الأمزجة؛ فعلى هذا: لو اختلفت عادة أهل البلد فما المعتبر؟ الذي رواه الإمام عن حكاية بعض المصنفين: أنا نعتبر أقصى عادة امرأة منهن.
قال: والقول الثاني- أي في أصل المسألة-: أنها تقعد إلى أن تعلم براءة الرحم، ثم تعتد بالشهور؛ لأن الصغيرة لما عرفت براءة رحمها، وتعذر في حقها الرجوع إلى الأقراء في الحال- اعتدت بالشهور؛ كذلك هذه إذا مضت عليها مدة تعرف براءة الرحم، وجب أن تعتد بالشهور؛ احتياطاً كالصغيرة.
ولأن في الزيادة على ذلك حصول ضرر عظيم؛ فلم يكلف به؛ لقوله- تعليه السلام-: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الإِسْلَامِ"، ووجه الضرار:
أما بها؛ فلأنها [تبقى لا أيما ولا ذات زوج في قعر البيت، وإذا بلغت سن اليأس لا يرغب فيها.
وأما بالزوج؛ فلأنه] تبقى نفقتها عليه إن كانت رجعية، وسكناها بكل حال ونحن نفسخ النكاح بدون هذه الضرورة الظاهرة، وهذا هو القول القديم.
قال: وفي قدر ذلك، أي في قدر ما يحصل به العلم ببراءة الرحم قبل الاعتداد بالأشهر قولان:
أحدهما: تسعة أشهر؛ لأن الحمل لا يكون في البطن أكثر من ذلك- غالباً- والمرأة تنقضي عدتها بثلاثة أشهر- غالباً- فأخذنا بما هو الظاهر والغالب.
واستدل له الشافعي في القديم بأن أمير المؤمنين عمر- رضي الله عنه- قضى به بين المهاجرين والأنصار، ولم ينكر عليه أحد، فكيف يجوز لنا أن نخالفه؟
قال: والثاني: أربع سنين؛ لأنه لو جاز الاقتصار على براءة الرحم في الظاهر

الصفحة 41