كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

وذكر الحيض؛ لأنه لا يعرف استكمال الطهر إلا به.
وروى مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد، عن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "طَلَاقُ الأَمَةِ طَلْقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ".
قال الماوردي: وحديث ابن عمر أثبت؛ لأن في مظاهر التواء.
ولأن الأمة على النصف من الحرة في القسم والحد؛ فكذلك هاهنا، إلا أنه لا يمكن أن يجعل قرءاً ونصفاً؛ فكمل النصف قرءاً؛ كما كملنا طلاق العبد كذلك.
ولأن الاستبراء موضوع فيما يجري بحسب التفاضل في المستبرأة؛ ألا ترى أن الأمة في الملك تستبرأ بحيضة واحدة؛ لنقصانها بالرق، وعدم العقد؟ واستبراء الحرة بثلاثة أقراء؛ لكمالها بالحرية والعقد؟ ونكاح الأمة منزل بينهما؛ لأنها قد ساوت الحرة في العقد وساوت الأمة في الرق؟ فوجب أن تكون بين منزلتيهما.
قال: وإن كانت من ذوات الشهور- أي: كما ذكرنا- ففيها ثلاثة أقوال:
أحدها: ثلاثة أشهر؛ لعموم قوله- تعالى-: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4]، ولأنه أقل زمان يظهر فيه استبراء الرحم؛ قال- عليه السلام-: "يَكُونُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً نُطْفَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْماً عَلَقَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْماً مُضْغَةً"، [وهو في حال المضغة] يتخلق ويتصور وتظهر أماراته في الحركة وغلظ الجوف، وذلك عند انقضاء الشهر الثالث.
وهذا القول هو الصحيح عند المحاملي، واختاره الروياني، وقال القاضي الحسين: ربما يخرج من أحد قولي الشافعي في المستولدة إذا عتقت: أنها تعتد بثلاثة أشهر، وعلى ذلك جرى الإمام وصاحب "التهذيب" تصريحاً بالتخريج.

الصفحة 46