كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

الرافعي، ولم يعتبر الماوردي وابن الصباغ أربعة أشهر بالأهلة إلا في الصورة الأولى، وفيما عداها اعتبر ثلاثة أشهر بالأهلة وشهراً بالعدد. وحكى بعض أصحابنا وجهاً: أنه متى انكسر شهر منها واعتبرنا بالعدد، اعتبرنا الجميع بالعدد، وقد تقدم له نظائر.
ولو كانت المرأة محبوسة لا تعرف الهلال اعتبرت بمائة وثلاثين يوماً.
قال: وإن كانت أمة اعتدت بشهرين وخمس ليال.
أطلق الشيخ- رحمه الله- "الليالي" هاهنا وفي "المهذب"، وأراد: الليالي بأيامها، وكذلك الماوردي والقاضي الحسين والمسعودي؛ اتباعاً لعادة العرب؛ فإنها تطلق "الأيام" وتريد: بلياليها، وتطلق "الليالي" وتريد: بأيامها، وقد حكى ذلك عنهم الماوردي عند الكلام في المسألة قبل هذه، وبهذا يندفع كلام من قال: إن قول الشيخ: "وخمس ليال" غلط، وإن صوابه: خمسة أيام بلياليها.
على أن ما ذكرناه يظهر مما قررناه في عدة الحرة.
وإنما قلنا: إن الأمة تعتد بشهرين وخمس ليال؛ لأن العدة أمر ذو عدد ينبني على المفاضلة؛ فوجب ألا تساوي الحرة فيه الأمة، وتكون على النصف منها مع إمكان تنصيفه؛ كالحدود، وهذا هو المشهور في أكثر الكتب.
وفي "الزوائد" للعمراني حكاية قول آخر عن أبي حامد: أنها تعتد بأربعة أشهر وعشر؛ لأن الولد يكون نطفة أربعين يوماً، وعلقة أربعين يوماً، ومضغة أربعين يوماً، ثم ينفخ فيه الروح ويتحرك؛ فاعتبر أن تعتد المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر؛ ليتبين الحمل بذلك، ويتحرك، وهذا لا تختلف فيه الحرة والأمة.
وما حكاه كلام البندنيجي يدل عليه أيضاً؛ فإنه قال: "عدة الوفاة واجبة بوفاة الزوج، صغيرة كانت أو كبيرة، عاقلة أو مجنونة، حرة أو أمة، مسلمة أو مشركة، مدخولاً بها أو غير مدخول بها، ثم لا تخلو من أمرين: إما أن تكون حاملاً أو حائلاً [فإن كانت حاملاً فعدتها أن تضع حملها، وإن كانت حائلاً] فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام".
قال: وإن طلق امرأته طلقة رجعية، ثم توفي عنها، انتقلت إلى عدة الوفاة؛

الصفحة 53