كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

لما روى جابر أن حبان بن منقذ طلق امرأته، ومات قبل أن تحيض الثالثة؛ فورثها عثمان، واعتدت عدة الوفاة من زوجها.
ولأن النكاح في الرجعية قائم؛ لما ذكرناه في الرجعة، وإنما حصلت البينونة بالموت، والطلاق المتقدم موجود؛ فاجتمع ما يوجب عدة الطلاق وما يوجب عدة الوفاة، وهو: حصول ابينونة بالموت، ولا سبيل إلى وجوبهما؛ إذ لا يجوز أن تكون معتدة من واحد عدتين، فقدمنا عدة الوفاة لتأكدها؛ فإنها تجب قبل الدخول وبعده، وعدة الطلاق لا تجب قبل الدخول.
ثم بقية عدة الطلاق هل تسقط، أو نقول: دخلت في عدة الوفاة؟
قال الرافعي قبل القسم الثاني من كتاب العدة: إنها تسقط بلا خلاف.
وحكى مجلي فيها خلافاً عن الأصحاب، وأن منشأة تباين جنس العدتين، وتظهر فائدة الانتقال في سقوط النفقة، وفي وجوب الإحداد، وقصر المدة وطولها، والمطلقة طلاقاً بائناً لا تنتقل إلى عدة الوفاة وإن كان في المرض، وقلنا: إنها ترثه؛ لأن البينونة حاصلة قبل الموت.
قال: وإن طلق إحدى امرأتيه، أي: ثلاثاً بعد الدخول، ومات قبل أن يبين- وجب على كل واحدة منهما أطول العدتين من الأقراء أو الأشهر، أي: إذا كانتا من ذوات الأقراء؛ لأن لك واحدة قد وجبت عليها عدة، واشتبهت عليها بعدة أخرى؛ فوجب أن تأتي بهما؛ لتخرج عما عليها بيقين؛ كمن أشكلت عليه صلاة من صلاتين، يجب عليه أن يقضيهما؛ ليخرج عما عليه بيقين.
ثم ابتداء الأشهر يكون من وقت الموت، وابتداء الأقراء يكون من حين الطلاق على الأصح؛ بناء على أنها تعتد من حين [الطلاق.
أما إذا قلنا: إنها تعتد من حين البيان، فهاهنا تعتبر الأقراء من حين] الموت، وقد صرح بهذا الوجه في "البحر" [لكن] من غير بناء.
أما إذا كان الطلاق رجعياً وجب على كل واحدة منهما عدة الوفاة، لا غير، وكذلك لو كان الطلاق قبل الدخول، أو كانتا من ذوات الأشهر، أو من ذوات الأقراء، وقد مضت ثلاثة أقراء قبل الموت.

الصفحة 54