كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

ولو كانتا من ذوات الحمل اعتدتا بوضعه، وإن كانت إحداهما مخالفة للأخرى، اعتدت كل واحدة منهما بما يلزمها لو كانتا متفقتين.
واعلم أن قول الشيخ: "ومات قبل أن يبين" يعرفك أن المسألة مفروضة فيما إذا كان الطلاق معيناً في نفس الأمر، كما صرح به الماوردي وغيره؛ لأن البيان يكون لما وقع في نفس الأمر معيناً، والتعيين يكون لما وقع في نفس الأمر مبهماً.
أما إذا كان الطلاق مبهماً، فإنه ينبني على أن الطلاق يقع من حين الطلاق أو من حين التعيين؛ فإن قلنا: من حين الطلاق، فالحكم كما تقدم، وإن قلنا: من حين التعيين، فيعتبر ابتداء الأقراء والأشهر من حين الموت.
وحكي عن تعليق الشيخ أبي حامد أن كل واحدة منهما تعتد عدة الوفاة لا غير؛ لأنا نفرع على أن الطلاق يقع بالتعيين، فإذا لم يعين فكأنه لم يطلق، وهذا مشابه لما حكيته عن الفوراني ثم.
فرع: لو أسلم وثنى ومعه ثمان نسوة، فمات قبل أن يختار- وجب على كل واحدة منهن الاعتداد بأكثر الأمرين، وفي ابتداء الأقراء وجهان:
أحدهما: من حين الموت.
والثاني: من حين أسلم الأول منهم.
واعلم أن الأصحاب تكلموا في هذه المسألة، ولم يتعرضوا لبنائها على أن الوارث هل يقوم مقام الموروث في البيان أم لا، وكان لا يبعد بناؤها عليه.
قال: ومن فقدت زوجها، وانقطع عنها خبره- أي: حتى تتوهم، أو تظن أنه قد مات مثل: أن غاب وعادت رفقته، ولم يعرفوا حاله، أو كان في حرب الكفار، وانقضت الحرب، ولم يعرفوا حاله، أو غاب، ومضت مدة يعرف فيها في مجرى العادة خبر من سافر هذا السفر، ولم يعرف خبره- ففيه قولان:
أحدهما: أنها تكون على الزوجية إلى أن يتحقق الموت؛ لما روى عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَاتِيَهَا يَقِينُ مَوتِهِ أَوْ

الصفحة 55