كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)

للنكاح تتعاطاه المرأة أو القاضي- على ما سيأتي بيانه- ولا شك أنها لو رامت ذلك هاهنا تفريعاً على ذلك لقدرت عليه، والخلاف في مسألة المفقود في أنا هل نحكم بالفرقة بانتهاء النكاح أم لا؟ والمأخذان مختلفان؛ فلا إشكال إذن.
وما ذكره الشيخ في "المهذب" من أن لها أن تفسخ النكاح على القديم محمول على تعاطي أسبابه، وكلامه- من بعد- يعرفك أنه ليس على ظاهره، والله أعلم.
ثم مدة الصبر يكون ابتداؤها من حين ضرب القاضي، أو يكون ابتداؤها من حين انقطاع خبره؟ فيه وجهان، ويقال: قولان، قال الرافعي: وإيراد كثير من الأئمة يشعر بترجيح الأول، وادعى البندنيجي أنه ظاهر قوله في القديم، ومنهم من رجح الثاني، ومنهم صاحب "التهذيب"، وهو اختيار القفال.
فإن اعتبرنا القول الثاني فلا بد بعد انقضاء المدة من قضاء القاضي بوفاته، وحصول الفرقة.
وإن اعتبرنا القول الأول فهل نحتاج إلى ذلك، أو يكون حكم الحاكم بضرب المدة حكماً بالوفاة بعد انقضائها؟ فيه وجهان: أظهرهما الأول، واستدل له مجلي بأنها لو رضيت بالصبر بعد انقضاء العدة لجاز ذلك.
قال: ثم تحل للأزواج في الظاهر؛ لأن ذلك ثمرة الفسخ، وهل تحل في الباطن؟ فيه قولان، أي ينبنيان على [أن الفسخ يحصل باطناً كما يحصل في الظاهر، أم لا؟ وفيه قولان:
أحدهما] أنه لا ينفسخ في الباطن؛ لأن عمر لما عاد المفقود مكنه من أن يأخذ زوجته، ولو وقع الفسخ باطناً لم يمكنه منها إلا بتجديد عقد. فعلى [هذا]: لو عاد المفقود سلمت إليه كما فعل عمر.
والثاني: نعم؛ لأنه فسخ مجتهد فيه، فانفسخ في الباطن والظاهر؛ كالفسخ بالعنة والإعسار، وهذا ما ادعى الجيلي أنه الأصح؛ فعلى هذا: لو عاد المفقود لم تسلم إليه، وكأن الشافعي- على هذا القول- أخذ بأصل قول عمر، وخالفه في

الصفحة 57