كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 15)
مِنْهَا- إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيتُ الذِي هُوَ خَيْرُ".
فإن قيل: فقد روي أنه- عليه السلام- قال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْراً منها، فَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرُ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ".
قلنا: قد ورد فيه تقديم الكفارة على الفعل، وأيضاً: فما ذهبنا إليه فيه استعمال للروايتين معاً؛ فإنا نحمل الأول على الوجوب، والثاني على الجواز؛ فكان أولى.
ولأنه حق مالي يجب بسببين يختصان به؛ فجاز تقديمه على أحدهما كتعجيل الزكاة.
فإن قيل: لا نسلم أن لوجوبها سببين، بل له سبب واحد، وهو الحنث؛ لأن الحنث ضد اليمين؛ لأن اليمين تمنع من الحنث، والضدان لا يشتركان في معنى الوجوب؛ لتنافيهما.
قيل في الجواب عنه: إن اليمين [عقد والحنث حل، والحل] لا يكون إلا بعد عقد؛ فلم يتضادا وإن اختلفا؛ كما أن قوله: لا إله، كفر، وقوله: إلا الله إيمان، والإيمان بهما منعقد، ولم يتنافيا بالمضادة.
ولو أراد أن يكفر قبل انعقاد اليمين لم يجز وجهاً واحداً.
نعم، لو علق انعقاد اليمين على فعل، ولم يوجد بعد: فهل يجوز له أن يكفر قبل انعقاد اليمين وبعد التعليق؟ فيه وجهان مذكوران في "التتمة" وغيرها في كتاب الإيلاء، وصورة ذلك: أن يقول: إن دخلت الدار، فوالله لا كلمتك.
قال: وقي: إن كان الحلف بمعصية لم يجز أن يكفر قبل الحنث؛ كي لا يتوصل به إلى المعصية، ولأن تقديم الكفارة رخصة، والرخص لا تستباح بها
الصفحة 6
512