كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 15)

فهذا عمر وعلي - رضي الله عنهما - قد جعلا الإطعام في كفارات الأيمان من الحنطة مُدّين مُدَّين لكل مسكين، ومن الشعير والتمر صاعًا صاعًا.
فكذلك نقول: كل إطعام في كفارة أو غيرها؛ هذا مقداره على ما أُجمع على ذلك في كفارة الأذى، وقد شدّ ذلك أيضًا ما قد بيّناه في صدقة الفطر من مقدارها، وما ذكرنا في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: أي قد رُوِيَ الإطعام في الكفارات بصاع من تمر أو شعير، ونصف صاع من حنطة، عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم-.
وأخرج في ذلك عن ثلاثة من الصحابة، وهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس -رضي الله عنهم-.
أما عن عمر - رضي الله عنه - فأخرجه من خمس طرق صحاح غير أن هلالًا في الطريق الخامس قد تكلم فيه:
الأول: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي، عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن سليمان الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن يسار -بفتح الياء آخر الحروف، والسين المهملة- ابن نُمير -بضم النون- مولى عمر بن الخطاب.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1): ثنا أبو خالد الأحمر، عن الأعمش، عن شقيق، عن يسار بن نمير قال: قال لي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "إني أحلف أن لا أعطي أقوامًا شيئًا، ثم يبدو لي فأعطيهم، فإذا فعلتُ ذلك، فأطعم عَنِّي عشرة مساكين، بين كل مسكينين صاع من بُر، أو صاع تمر لكل مسكين".
الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن بشر بن عمر الزهراني، عن شعبة، عن سليمان الأعمش. . . . إلى آخره.
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" (3/ 70 رقم 12194).

الصفحة 18