كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 15)

أي قال أبو يوسف: فلما كان النبي -عليه السلام- فَضَّل الصلاة .. إلى آخره.
أما حديث سعد فأخرجه عن محمد بن خزيمة، عن عمرو بن مرزوق البصري شيخ أبي داود، عن شعبة، عن أبي عبد العزيز موسى بن عُبيدة الرَّبَذِي، فيه مقال، فعن يحيى: لا يحتج بحديثه. وعنه: ضعيف. وعنه: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة.
ونسبته إلى رَبَذَة -بفتح الراء والباء الموحدة والذال المعجمة- وهي قرية معروفة قرب المدينة، وبها قبر أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -.
وأخرجه البزار في "مسنده " (¬1): ثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو داود، نا شعبة، عن موسى بن عُبيدة أبي عبد العزيز الرَّبَذِي، عن عمر بن الحكم، عن سَعْد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام".
واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث وأمثاله ومعناه، فتأوله قوم منهم: أبو بكر عبد الله بن نافع الزبيري، صاحب مالك على أن الصلاة في مسجد رسول الله -عليه السلام- أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بدون ألف درجة، وأفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة، وقال بذلك جماعة من المالكية، ورواه بعضهم عن مالك.
قال أبو عمر: قال عامّة أهل الأثر والفقه: إن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد رسول الله -عليه السلام- بمائة صلاة.
وقال: وأما تأويل ابن نافع فبعيد عند أهل المعرفة باللسان؛ ويلزمه أن يقول: إن الصلاة في مسجد الرسول أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بتسع مائة ضعف وتسعة وتسعين ضعفًا، وإذا كان هذا لم يكن للمسجد الحرام فضل على سائر المساجد إلا بالجزء اللطيف على تأويل ابن نافع، فأنّى حَدَّ حدًّا في ذلك لم يكن لقوله دليل ولا حجّة.
¬__________
(¬1) "مسند البزار" (4/ 59 رقم 1225).

الصفحة 39