كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 15/ 1)

المذيع: ما علمته من خلال قراءاتي: أن فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين كان قد ترأس تحرير مجلات عديدة في تونس، وفي مصر، ومن أهم هذه المجلات مجلة "الهداية الإسلامية".
الحسيني: أخي الكريم! الشيخ محمد الخضر حسين متعدد المواهب، فإن شئت أن تقرأه صحفيًا، أو فقيهاً، أو مفسراً، أو محدثاً، أو شاعراً، أو لغوياً، أو رحّالة، أو ما شئت قل فيه من الأوصاف؛ فقد وهبه الله هذه الخصال، وعمل عليها بإخلاص، لذلك نجح في حياته.
أما بالنسبة -حسب طلبك- للنواحي الصحفية، فهو أول ما بدأ بالعمل الصحفي، أصدر مجلة "السعادة العظمى" في تونس، أول مجلة صدرت في المغرب، وصدر منها واحد وعشرون عدداً، وتوقفت لأسباب ما جابهه به التقليديون من الشيوخ القدماء؛ لأنه حاول أن يجعل منها دورية إصلاحية، فجابهوه لهذه الناحية؛ مما أدى إلى توقفها، هي لم تغلق، ولكن توقفت؛ مما اضطره إلى الهجرة بعدها إلى الشرق.
ليس إغلاقها هو العامل الوحيد، هناك أسباب أخرى دعته إلى الهجرة إلى الشرق؛ لأنه حاول خلال إقامته في مدينة "بنزرت" كقاضٍ. نزل إلى تونس، وألقى في (جمعية قدماء الصادقية) محاضرة عنوانها: "الحرية في الإِسلام"، وختمها بالحديث عن الاستبداد، فما بالُكَ برجل في عهدِ محتلٍّ قاسٍ غاشم، يتحدث عن الحرية، ويدعو إلى مقاومة المحتل؟! مما جعل عيون المحتل تراقبه، وتضغط عليه، وتلاحقه، في الواقع هذا السبب الأول في انطلاقه إلى الشرق.
لأنه كان يرى أن همته أوسعُ من تونس، ورسالته تضيق في هذا البلد،

الصفحة 122