كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 15/ 1)

هو جال جولة عظيمة، ودافع عن اللغة العربية، وعن الشعر الجاهلي ضد طه حسين في كتابه "في الشعر الجاهلي"؛ لأنه شكَّ في هذا الشعر أنه منحول، ونسب إلى الجاهليين، ولا يمكن أن يستعمل في فهم القرآن؛ لأنه ليس مصدراً موثوقاً به، وهذا ما دفعه للدفاع عن اللغة العربية، والدفاع عن الشريعة في "نقض كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين"، وهو ليس أمراً سهلًا أن تعارض شخصية مثل هذه الشخصية الأدبية اللغوية، الأمر ليس من السهولة في مكان. ولكنه اقتحم، ومع أنه في مصر وليس مصرياً، بمعنى الكلمة، ومع ذلك اقتحم ذلك بجرأة، ولم يخش إلا الله.
وكذلك في كتابه "نقض كتاب الإِسلام وأصول الحكم"، وإن كان الجانب الشرعي غير الجانب اللغوي.
المذيع: أفهم من كلامكم هذا -فضيلةَ الدكتور-: أن العلامة محمد الخضر حسين أراد أن يطبق علمَ الجرح والتعديل على الأسانيد اللغوية؟
الدكتور الطالبي: منهجهُ هو منهج المحدثين في التوثق من رواية الأخبار والمتون اللغوية، أو المتون الحديثية. ولذلك نجده في تراجمه للرجال يعتمد على منهج المحدّثين أكثر مما يعتمد على منهج المؤرخين؛ لأن المؤرخين -كما تعلم- يتساهلون فيما لا يتساهل فيه أهل الحديث؛ لأن الحديث يترتب عليه أحكام شرعية، ولذلك يشترطون شروطاً قاسية ومضبوطة حتى يقبلوا رواية من الروايات. أما المؤرخون، فلا يترتب على الأخبار التي ينقلونها، والروايات التي يوردونها أشياء خطيرة، إلا في أخبار الفتن التي وقعت بين الصحابة، والأحداث الكبرى التي تحيط بالأمة. وسلك في هذا منهجاً هو في الحقيقة منهج أبي بكر بن العربي في كتابه "العواصم من القواصم".

الصفحة 138