كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 15/ 1)

الأستاذ الحسني: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. يظهر لي أولاً بالتعليق على "السعادة العظمى" حتى خاله محمد المكي بن عزوز قال له: هذه مستواها عالي كثيراً -عندما راسله-. لكن يظهر لي هناك أمران: يريدان أن يثبت؛ كما يقول المثل العربي: (إن في بني عمك رماحاً)، يريد أمرين: هذا تحليل، وليس نتيجة دراسة واستنتاج، يريد أن يضع المنبهرين بمجلة "المنار" أننا يمكن أن ننشئ منارنا هنا، ويمكن أن يضع الذين يعارضون اتجاهه وتياره بأن ما أعرضه عليكم فيه جدوى، وفيه فائدة من حيث المبنى، ومن حيث المعنى، يعني: من حيث الشكل، وإلا من حيث المضمون.
لكن صراحة نقول: إنني لم أطلع على كل ما كتب، لكن "السعادة العظمى" قرأتها من أولها إلى آخرها، والكثير منها استغلق عليَّ فعلاً، حتى الذين جاؤوا من بعده، وأتيحت لهم ظروف للانفتاح، لم يصلوا إلى مستوى دقة كثير من المقالات تقرؤها في الجرائد في الثلاثينات والأربعينات، لا ترقى أبداً لمستواها. ويبدو لي أن هذه اللغة مطواعة له، يكتب في الشعر، يكتب في الدين، يكتب في الأمور الاجتماعية، في الأخلاق، فمستواه لا ينزل، لا يُسِفّ، هذا يعني: أن فيه الاستعداد الفطري، وفيه اكتساب، الرجل درَس وقرأ. . . هذا درسٌ لنا ولأبنائنا الشبان: أن الثقافة لا تأتي من صحيفة، ولكن من أمهات الكتب، أن تقضي معها الأوقات. فتقدر أن تقول ما يقول ابن مالك على ابن معطي. حتى ولو الذين جاؤوا بعد الشيخ الخضر حسين نبغوا وكتبوا، ولكنه الرائد له الريادة، فهو أول من أصدر مجلة في شمال إفريقيا، ولذلك -كما قال ابن مالك- فهو مستحق التفضيلة بهذه الريادة. ولكن حتى الريادة، من طبيعة الأشياء: أن الرائد دائماً يكون عمله فيه نقص،

الصفحة 145