كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 15/ 1)

يهتم بإصلاح الحياة الاجتماعية والسياسية، اهتم بإصلاح اللغة، فرجع، وأصدر قرارات في التعليم بالأزهر، وأدخل "نهج البلاغة" و"شرحه"، كما أدخل العديد من الكتب -أيضاً- من عبد القادر الجرجاني، ومنها: "مقدمة ابن خلدون"، عرضها على الأزهريين، وبعضهم امتنع من تدريسها. والشيخ له هذا الجانب -أيضاً- اهتم باللغة، وبالقياس اللغوي، وبمصادر اللغة. وهو أول من أراد أن يجعل الحديث حجة في اللغة العربية، الحجة في الشعر الجاهلي، وصدر الإسلام، والجماعة الذين رووا عن العرب في البادية، وعن المناطق البعيدة عن التأثر بالرومان والفرس.
وابن خلدون أتى بمنهج جديد في التاريخ، نقد الأخبار، ولم يقبل كثيراً من الروايات التاريخية التي تعتمد على الخرافة، وعلى ما لا حجة فيه ولا سند. وهو يريد أن يعيد المؤرخين إلى الناحية الواقعية، وإلى الأسباب، كما أنه أكد في دراسة الظواهر الاجتماعية، منهج واقعي يقوم على المشاهدة، وليس على التخيل. وفيه شبه بين ابن خلدون والشيخ الخضر: ابن خلدون كان يرحل ويكتب، وهذا الرجل كان يرحل، رحّالة ينتقل في بلاد الله، وكلاهما استقر به المقام في مصر، وانتهى أمره في البلاد المصرية، ودفن هناك.
فهذا المنهج الواقعي الاجتماعي والتربوي لابن خلدون؛ لأن ابن خلدون تحدث عن التربية، وتأثيرها في تكوين الذهنيات العلمية، وأما صاحبنا الشيخ محمد الخضر حسين، فهو متصل بالتربية العلمية في النوادي، ويخاطب الشباب، ويعطيهم التوجيهات، إن في الواقع، وإن في التاريخ، وإن في السلوك الأخلاقي والسلوك اللغوي.

الصفحة 149