كتاب تنزيه الإمام الشافعي عن مطاعن الكوثري - ضمن «آثار المعلمي»
أبو عبيد: "قال أبو حنيفة"، فأنكر عليه الأسود بن سالم أشدّ الإنكار، كما ترى في ترجمة الأسود (¬١).
أقول: إنه مع هذا كان جزاء الشافعي في ذلك كله من الأستاذ ما ترى بعضه في هذه الترجمة، حتى إنه حاول الطعن في نَسَبِه المجمع عليه؟ !
وحَسْبكمُ هذا التفاوتُ بيننا ... وكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ (¬٢)
دع كثرة المؤلفين في مناقب أبي حنيفة من الشافعية! فأما الخطيب فإنما سرد أقوال الناس [ص ١٨] في الغضِّ كما ساق ما روي في المناقب، وذاك واجبه من جهة أنه مؤرّخ ومحدّث، ومع ذلك فأعرض سائر الشافعية عما نقله الخطيب، بل منهم مَن عارضه، ومنهم من ردّ عليه كما حكاه الأستاذ. ولما تعرّض للردّ عليه الملك عيسى ومأجوره ابن قُزْغلي ــ وفي ردّهما ما فيه من التهافت ــ لم يعرض لهما أحدٌ من الشافعية بل استمروا على مجاملتهم التي قد تبلغ في بعضهم أن تكون إدهانًا واضحًا!
وكذلك لما أشيع ذلك الكتيب المجهولُ مؤلِّفُه "كتاب التعليم" ــ وفيه ما فيه من الطعن في الشافعي وغيره ــ مرّ به الشافعيةُ مرور الكرام، وأقصى ما كان منهم أنْ ذَكَر بعضُهم أن مؤلفه مجهول.
وكأنّ الأستاذ اغترّ بتلك المجاملة والإدهان فظنّها استكانة لا حَراك بعدها؛ فجاء بما جاء به، ولم يدر أن للصبر حدًّا، وأن للحق أنصارًا، وأن وراء الأكمة رجالًا!
---------------
(¬١) من "التنكيل" رقم (٥٤).
(¬٢) البيت للحيص بيص في "ديوانه": (٣/ ٤٠٤) ضمن أبيات.
الصفحة 314
494