كتاب تنزيه الإمام الشافعي عن مطاعن الكوثري - ضمن «آثار المعلمي»

أقول: أما عبد الله بن نافع فقال أبو طالب عن أحمد: "لم يكن صاحب حديث، كان ضعيفًا فيه". وقال أبو داود عن أحمد: "كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه، وكان يحفظ حديثَ مالك كلَّه [ص ٣٦] ثم دخله بأَخَرةٍ شكّ". قال أبو داود: "وكان عبد الله عالمًا بمالك، وكان صاحب فقه، وكان ربّما أدلّ على مالك". قال: "وسمعت أحمد بن صالح يقول: كان أعلم الناس بمالك وحديثه". وقال ابنُ معين ــ لما سُئل: مَن الثّبْت في مالك؟ ــ فذكرهم ثم قال: وعبد الله بن نافع ثبت فيه". وذكر البخاري وأبو حاتم وابن حبان لِينَ حفظه وصحَّة كتابه. ويتلخّص من كلامهم أنه ثقة ثبت في روايته عن مالك، فأما روايته عن غيره فما كان من كتابه فصحيح، وما كان من حفظه ففيه لِيْن.
فأما قول أحمد: "ثم دخله بأخرةٍ شكّ". فالظاهر أن هذا لا يضره هنا، فإن عبد الله توفي سنة ٢٠٤، وسُريج كبير يروي عن فُلَيح بن سليمان المتوفى سنة ١٦٨، مع أنّ الشكّ لا ينافي الضبط، فإنه يبيّن فيما يشكّ فيه أنه شكّ، ولم يشكّ ابن نافع في هذه الرواية.
وأما سُريج فقال ابن معين والعجلي وأبو داود وابن سعد: "ثقة"، زاد أبو داود: "حدثنا عنه أحمد بن حنبل، غَلِط في أحاديث". والمُكْثِر إذا غلط في أحاديث فحكمه أن يحتجّ به فيما لم يتبيَّن غلطه فيه.
وقال الحاكم عن الدارقطني: "ثقة مأمون".
وأما عبد الله بن أحمد فقد مرّت ترجمته (¬١)، وهو ثقة فاضل وإن رَغِم الجهميةُ.
---------------
(¬١) من "التنكيل": (١/ ٢٨٤ - ٢٨٥).

الصفحة 340