كتاب تنزيه الإمام الشافعي عن مطاعن الكوثري - ضمن «آثار المعلمي»

يكتب "الرسالة"؟ قال: لا تسألني عن شيء مُحْدَث، قلت: كتَبْتَها؟ قال: معاذ الله لا نكتب كلامَ [ص ٣٨] مالك ولا سفيان ولا الشافعي ولا إسحاق بن راهويه ولا أبي عبيد.
وما يروونه عنه أيضًا أنه سُئل عن "موطأ مالك" و"جامع سفيان" أيهما أحبّ إليك؟ قال: لا هذا ولا ذاك. وما يرويه أبو موسى المديني في "النُّصح الجلي" بطريق الحسين بن عبد الله عن الأثرم عن أحمد أنه قال: كنت أجالسه ــ يعني الشافعي ــ هنا كثيرًا، فلما قدم مصر تغيّر وجاء بالتأويل والرأي. ونحوها= فأخبار تالفة اختلقها الحشويةُ على لسانه لصرف وجوه الأمة عن أئمة الفقه، كما فعلوا مثل ذلك مع أبي حنيفة ... ".
أقول: الذي يسمّيهم الأستاذ "حشوية" ويريد بهم الحنابلة؛ فيهم ثقات أفاضل وفيهم غير ذلك، فإذا كان رجال هذه الحكايات مِن ثقاتهم فإننا نقبلها على الرأس والعين، ونقول: قد ثبت عن أحمد أنه كان يكره كتابة كلامه وكلام غيره، ويرى للعالم أن يكتب السننَ والآثارَ، وينظر في كلام العلماء يستعينُ به على الفهم، فقد لا يكون أحمد كتب شيئًا من كتب الشافعي وإن كان قد سمعَ بعضَها وطالعَ بعضها، وكذلك كُتُب غيره. وقد يكون أحمد يفرّق بين الناس، فلم يَرَ للمرّوذي أن يكتب كتب الشافعي ورخَّصَ لغيره.
وأما قوله في "الموطأ" و"جامع سفيان" فإنما أراد به ما فيهما من المسائل. فأما الأحاديث والآثار فقد كتبها أحمدُ نفسُه وأثبتها في "مسنده" و"زهده".
وأما الرواية الثالثة وفيها: "فلما قَدِم مصر تغيّر وجاء بالتأويل والرأي". فالحسين بن عبد الله إن كان هو ورّاق داود فقد ضعّفه الدارقطني ورُمي

الصفحة 343