كتاب تنزيه الإمام الشافعي عن مطاعن الكوثري - ضمن «آثار المعلمي»

فلينظر الأستاذ كيف خاب أملُه وبان فَشَلُه!
وذكر ابنُ عبد البر (ص ٧٨) (¬١) ذمَّ الشافعي النظرَ في الكلام، فعلّق عليه الأستاذ: "يعني نظر مثل مخاطبه في مثل كلام حفص الفَرْد، بقرينة السباق والسياق، جمعًا بين الأقوال المرويّة عن الشافعي. ولم يزل السلف ينهون العوام عن الخوض في الكلام لاسيّما في كلام أهل البدعة، ولكلّ علمٍ رجال".
أقول: هذا من تحريف الكَلِم عن مواضعه، والشافعيُّ وغيره من الأئمة ينهون عن النظر في الكلام مطلقًا، وليس من الكلام إظهار ما تعرفه الفِطَر السليمة والعقول المستقيمة، وجاءت به نصوصُ الكتاب والسنة وآثار السلف، بدون تعمّق في اللازم، ولازم اللازم، وهلمَّ جرًّا.
والأستاذ يحاول أن يجعلَ أئمة السنة سلفًا وخَلَفًا عامَّةً جُهّالًا في العقائد، ويجعلَ الجَعْدَ بن درهم [ص ٤٠]، والجهمَ بن صفوان في أكثر أقواله، وأبا حنيفة فيما يقال, وأتباعه دُعاة المحنة في عهد المأمون، وأتباعَهم كابن الثلجي والأشعري ــ قبل أن يرجع ــ والماتريدي وأتباعَهم هم فرسان الكلام، وهم العلماء بالله، حتى أراه يجعلهم أعلم بذلك من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد كاد الأستاذ يصرِّح بهذا في بعض تعاليقه، وقد توغّل بعض أئمته إلى أبعد من هذا مما يلزمهم، وهو معروف في محلّه.
وقد قال موسى بن سيار الأسواري في أوائل القرن الثاني: "إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا أعرابًا جُفاةً فجئنا نحن
---------------
(¬١) (ص ١٣١ - ١٣٢).

الصفحة 345