كتاب شرح حديث «آية المنافق ثلاث. . .» - ضمن «آثار المعلمي»

قوله صلّى الله عليه وآله وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" (¬١).
رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (¬٢) عن أنس قال: قلّما خطَبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ قال.
بل ظاهر هذا الحديث أنّ كلاًّ من الخيانة والغدر بالعهد كفرٌ على حِدَته.
وأمّا قول من قال: "المقصود بالنفاق النفاق اللغوي وهو مخالفة الباطن للظاهر" (¬٣).
فيقال له: كلامُ الشارع محمولٌ على اصطلاحه، ولا يحمل على خلافه إلا بدليلٍ ولا حاجة إليه.

فخلاصة البحث: أنّ من غلب عليه الكذب في الحديث، والغدرُ بالعهد، والخيانةُ بالأمانة مهما كانت= فهو منافقٌ خالصٌ. لا يقال: إنّ الحديثين مُطْلِقان للأمانة وحديث مقاتل عن الحسن ــ إن صحّ ــ مقيِّدٌ لها بالدِّين فيُحْمَل المطلق على المقيّد؛ لأننا نقول: إنّما يُحْمَل المطلق على المقيَّد إذا كان ذكرُ المقيّد تأصيلاً، كذكر الغدر بالعهد في الحديث الثاني، وأمّا إذا ذُكِر تمثيلاً كحديث مقاتل فلا؛ لأنّه إنّما استدل على أنّ خيانة الأمانة
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١٢٣٨٣)، وأبو يعلى (٢٨٦٣)، وابن حبان (١٩٤)، والبيهقي (٦/ ٢٨٨) وغيرهم من حديث أنسٍ رضي الله عنه. وسنده حسن.
(¬٢) (٤٠٤٥) وليس فيه هذا اللفظ، وهو في "سننه الكبرى": (٦/ ٢٨٨)، وفي "مسند أحمد".
(¬٣) انظر "إكمال المعلم": (١/ ٢٢٢) للقاضي عياض.

الصفحة 357