كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 15)

وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} [البقرة: ٩٩].
والآيات في ذلك كثيرة.
وتبادُر المسلم من نحو قولك: "رأيتُ رجلًا فاسقًا" من العُرف الحادث [ص ٤] بعد صدر الإسلام، وسببه: أنه صار الغالب إذا ذُكِر الكافر أن يُذْكر بلفظه الخاص به "كافر" أو ما يعطي ذلك مثل: "يهودي، ونصراني، ومجوسي". وإذا ذُكِر المسلم الذي ليس بعَدْل أن يُذكر بنحو: "فاسق، وفاجر"، ومثل هذا العرف لا يعتدّ به في فهم القرآن.
وغَفَل بعضهم عن هذا فظنَّ أن دخول الكافر في الآية إنما هو من باب الفحوى، قال: لأنه أسوأ حالًا من الفاسق.
ونُوقش في ذلك بأن الفسق مظنة التساهل في الكذب، إذ المانع من الكذب هو الخوف من الله عز وجل، ومن عيب الناس، ومرتكب الكبيرة قد دلَّ بارتكابه إياها على ضعف هذا الخوف من نفسه.
وأما الكافر فقد يكون عدلًا في دينه بأن يكون يحسب أنه على الدين الحقّ، ويحافظ على حدود ذلك الدين، ويخاف الله عز وجل والناس بحسب ذلك.
أقول: في هذا نظر؛ فإن الحجة قد قامت على الكافر، فدلَّ ذلك على كذبه في زعمه أنه يعتقد أنَّ دينه حقّ.

الصفحة 8